العرب وترامب: لن نرفض شيئًا.. حتى لو كان مجرد كلام
بالرغم من الدروس الثقيلة التي قدمتها السنوات الطويلة من التعامل مع السياسة الأمريكية، يبدو أن بعض القادة العرب ما زالوا يتعاملون مع وعود ترامب بتفاؤل عجيب، وكأن التاريخ لم يعلّمهم شيئًا.
info@jsmcenter.org
007 915 148 55 99
(Phone, WhatsApp, Telegram, Viber)
بالرغم من الدروس الثقيلة التي قدمتها السنوات الطويلة من التعامل مع السياسة الأمريكية، يبدو أن بعض القادة العرب ما زالوا يتعاملون مع وعود ترامب بتفاؤل عجيب، وكأن التاريخ لم يعلّمهم شيئًا.
أسطول الصمود ليس حدثًا عابرًا، بل إعلان عالمي أن الحق لا يموت، وأن الرواية التي أرادها الطغاة أبدية تتهاوى أمام كلمة واحدة تختصر المعركة كلها: الإنسان.
اليمن اليوم لا يقاتل دفاعًا عن غزة فقط، بل عن فكرة أن الكرامة لا تُشترى، وأن المقاومة ليست خيارًا طارئًا، بل مسارًا ينسجم مع قيم دينية وإنسانية وعروبية. في زمن الخذلان، يكتب اليمنيون معادلة جديدة بدمائهم: قد تسقط الأجساد، لكن لن تسقط الفكرة.
هذه المأساة لن تُسجّل في كتب التاريخ كحرب عابرة، بل كفضيحة أخلاقية عالمية. إن لم تتحرك الدول، خصوصًا العربية والإسلامية، لفرض عقوبات اقتصادية وتجارية، ووقف التعاون العسكري مع الاحتلال، والاعتراف العملي بفلسطين بما يتجاوز الشعارات، فإن الجوع سيبقى سلاحًا مشروعًا بعيون المعتدين. وستظل غزة، بأطفالها الجائعين وخرائبها الصامتة، شاهدًا على أن حضارتنا المعاصرة قادرة على إنتاج وحشية تفوق وحشية أي عصر مضى.
بين وهم “إسرائيل الكبرى” وحقيقة العجز عن تحرير رهائن على مرمى حجر، يقف نتنياهو على أرضية سياسية هشة، محاصراً بين فشل عسكري وضغوط داخلية وملاحقة قانونية محتملة. قد يظن أنه يصنع التاريخ، لكن التاريخ قد يسجله كزعيم قاد بلاده إلى عزلة دولية وانقسام داخلي غير مسبوق.
ربما لا يسقط نتنياهو غدًا أو بعد غد، لكن مسار الأحداث يشي بأن صفحة حكمه تقترب من نهايتها، وأن مشروع التطرف الذي يمثله بدأ يفقد تماسكه أمام ضغط الواقع، وتحوّل المزاج الدولي، وتصاعد كلفة الحرب.
ربما يسير ترامب ونتنياهو اليوم على خُطا جونسون وبوش وشارون… لكن للأسف، بأسلوب أكثر صخبًا، وبمخيلة سياسية أكثر فقرًا. التاريخ يراقب، والمنطقة تغلي، والزر الذي ضُغط لا يمكن التراجع عنه. إلا أن نتائج ذلك لن تحسمها الغارات الجوية، بل سيحسمها صبر الشعوب، وذكاء المقاومة، وزمنٌ قادم قد لا يكون أمريكيًا أو إسرائيليًا كما يتوهمون.
خان يونس اليوم ليست فقط عنوانًا لمعارك طاحنة، بل هي مرآة لكل مدينة عربية قاومت ذات يوم ثم نُسيت. خان يونس تستدعي بيروت (1982)، الفلوجة (2004)، سجن جنين (2002). لكنها تتفرّد لأنها قاومت بينما أطفالها يُذبحون على الهواء مباشرة، ورغم ذلك لم ترفع الراية البيضاء.
ربما حان الوقت أن نُعيد تعريف الشرف، لا ككلمة تُتلى في الخطب، بل كقدرة على أن لا نكون الطرف الذي يصفع، أو الذي يصمت على الصفعة. فغزة لا تحتاج من يضرب لأجلها، بل من يرفع صوته حين تُصفع.
يعكس التصعيد الأخير بين الهند وباكستان الحاجة الماسة إلى نهج جديد لحل النزاع في كشمير. ينبغي التركيز على معالجة الأسباب الجذرية للصراع، بما في ذلك مطالب السكان المحليين بالعدالة والكرامة والتمثيل السياسي.
ما يخشاه نتنياهو ليس السلاح، بل ما يعنيه بقاء هذا السلاح في يد المقاوم. لأن ذلك يعني بقاء الذاكرة، واستمرار الرفض، وتأجيل أي محاولة لإغلاق الملف الفلسطيني نهائيًا.
التاريخ يعلمنا أن الشعوب قد تصمت، لكنها لا تنسى، وأن الاستعمار مهما غيّر أدواته، فإنه لن يستمر إلى الأبد. ربما يراهن تجار الموت على أن أصواتهم هي الوحيدة التي يجب أن تُسمع، لكن صدى صرخة طفل تحت الأنقاض في غزة، أو أنين أم فقدت أبناءها في اليمن، أقوى من كل أصوات أسواق الأسهم، وأبقى من كل المؤامرات السياسية.
لقد دخل نتنياهو مرحلة “الاحتراق الذاتي”، حيث لم يعد أمامه سوى الهروب إلى الكارثة، تمامًا كما فعل نيرون. الفرق الوحيد هو أن صخرته ستسقط عليه، ولن يجد من ينقذه منها.
هل نريد مسلسلات مصممة فقط لملء الفراغ بين الإعلانات؟ أم نريد دراما تروي قصصنا الحقيقية، تعكس همومنا، وتساهم في تشكيل وعينا؟
في النهاية، المسألة ليست مجرد “ترفيه”، بل هي جزء من معركة كبرى حول من يحدد ما نشاهده، وما يُسمح لنا بأن نفكر فيه.
في ظل التوترات المتصاعدة على الحدود السورية-اللبنانية، تبرز مخاوف من أن تُجر المنطقة إلى حرب أهلية جديدة، لن تخدم إلا مصالح الكيان الإسرائيلي. الهدف الإسرائيلي واضح: تصوير المنطقة على أنها فوضوية بطبعها، مما يوفر مبرراً لجرائمها، بما في ذلك منع المساعدات الغذائية عن سكان غزة، في محاولة لكسر إرادتهم.
في حالة اليمن، فإن مركز الثقل الذي تملكه المقاومة هناك يجعلها قادرة على فرض معادلات جديدة، كما أثبتت قدرتها على منع السفن الإسرائيلية من العبور في البحر الأحمر في فترات سابقة.
اليوم، يواجه مهندسو الإسلاموفوبيا واقعاً لم يتوقعوه: جيلٌ يرى خلف الأكاذيب. عصر الإسلاموفوبيا كاستراتيجية جيوسياسية ينتهي. وما يليهُ يعتمد على جرأتنا لكتابة قصة جديدة… قائمة على العدل، لا الخوف.
التاريخ يعلمنا أن حروب التجويع لن تتوقف إلا بتحول جذري في الضمير العالمي. هنا يأتي دور النموذج الإسلامي، ليس إطار و منهج دينيٍ فحسب، بل كإطارٍ أخلاقيٍ شامل. ففي الوقت الذي تُستخدم فيه القوانين الدولية كأداة انتقائية، تذكرنا تعاليم الإسلام بأن الحرب لا تُشرعَن إلا للدفاع، وأن انتهاك حرمة الجائع خطيئةٌ لا تُغتفر.
الجبهة اليمنية، بكل ما تحمله من نبل وذكاء، تظل واحدة من أروع صفحات التضامن في تاريخنا المعاصر، وستبقى كذلك طالما بقيت فلسطين تنزف وشعب اليمن يقاوم.
الحدود السورية-الإسرائيلية اليوم ليست مجرد خط فاصل جغرافي، بل استعارة حية للتوتر الذي يعيشه الشرق الأوسط. إسرائيل، التي تحاول فرض إرادتها بالقوة، قد تجد نفسها في النهاية كمن أشعل صفيحاً ساخناً دون أن يمتلك ماءً لإطفائه.
إذا أرادت القمم العربية أن تكون ذات تأثير حقيقي، فعليها أن تتخلى عن لغة العموميات، وتنتقل من ردود الفعل إلى استراتيجيات الفعل. يجب أن تكون الأولوية لحقوق الشعوب العربية والإسلامية المسحوقة، وليس لمعادلات التوازن مع القوى الكبرى.