بقلم الدكتور عبدالله العبادي*
الحرب على غزة وسقوط النظام السوري وعودة ترامب إلى البيت الأبيض، ثلاث محطات رئيسية، تؤثّر بشكل أو بآخر على مستقبل منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير. إلا أن الأنظار موجّهة اليوم إلى عمان والقاهرة.
فوقف إطلاق النار في غزة لا يعني نهاية الصراع في المنطقة أو نهاية معاناة الشعب الفلسطيني وخصوصاً سكان غزة.
ترامب يعود من جديد على السلطة، وفي أقل من عشرة أيام من توليه السلطة، ها هو يخاطب مصر والأردن ويريد أن تستقبلا فلسطينيي غزة. نتحدث على الأرجح عن مليوني شخص، يريد ترامب تهجيرهم من ديارهم.
غزة في أعين الإسرائيليين والأمريكيين تمثل مكان استثمار وميناءً وحقول غاز، وأيضاً القضاء على حماس للأبد، لكن لا أحد فكر في مستقبل الناس وهويتهم واستئصالهم من بيئتهم، فالتهجير يبقى الحل الذي لا يقبله العقل البشري والإنساني.
في عمان كان ردُّ وزير خارجيتها واضحاً: “حلّ القضية الفلسطينية في فلسطين، والأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين. رفضنا للتهجير ثابت لا يتغير، وهذا ليس فقط موقفاً ثابتاً راسخاً لا يمكن أن تحيد عنه المملكة، ولكنه أيضًا ضرورة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والسلام الذي نريده جميعاً، لأن حل القضية الفلسطينية على الأسس العادلة التي تضمن حق الشعب الفلسطيني.”
وفي القاهرة حيث جاء في بيان وزارة خارجيتها أنها “ترفض أيّ محاولة لنقل الفلسطينيين خارج أرضهم سواء مؤقتاً أو على المدى الطويل”. الأهم في الردود هو رفض فكرة التهجير من الأساس.
لكن ترامب ورفاقه الترامبيين الجدد، استقبلوا ردود القاهرة وعمان، وسيعيدون الطلب وربما بحدّة أكبر، قد تصل درجة الابتزاز أو التهديد بوقف المساعدات الأمريكية أو حتى الضغط بشروط أخرى يتقن إخراجها الترامبيون الجدد، أو اللعب على وتر الإنسانية وفتح الحدود أمام الغزاويين لظروف إنسانية في حالة عدم احترام مسألة وقف إطلاق النار.
القاهرة وعمان بحاجة لدعم عربي ودولي، لتأكيد رفض فكرة التهجير الجماعي نهائياً، وقطع الطريق أمام ترامب ونتنياهو لتنفيذ مشروعهما.
خلال حملة ترامب الانتخابية قال: “إسرائيل تحتاج لأراضٍ أخرى، فيما توجد الدول العربية على مساحات شاسعة”. وهي مقولة لها معانٍ كثيرة تختصر الأطماع الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة ومشروع إسرائيل الكبرى. فما يقوم به ترامب هو تحصيل حاصل لما كان وسيكون، في ظل تخاذل عربي، وتناحرات عربية-عربية، وأيضاً في خضم انقسامات كبيرة عربياً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الدكتور عبدالله العبادي – كاتب صحفي، محرر الشؤون العربية و الإفريقية، مؤسس منصة تفكير عربي.
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً