بقلم الأستاذ سفيان حشيفة*
في الواقع، لم نتفاجأ بتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال لقائه الأخير مع ناتنياهو في واشنطن، حول تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية إلى دول الطوق العربي، لأن كلامه ينطوي على مشروع صهيوني، مُكرَّس ومتواصل ومعلن، وليس خفي أو منتهي كما روّج له بعض السذج، بعد عقد اتفاق تبادل الرهائن بين حركة المقاومة الإسلامية “حماس” والكيان الصهيوني قبل شهر.
كما كان واضحاً وجلياً من إتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، رغم ما أحيط به من هالات إعلامية صادرة عن بعض الفضائيات العربية، أنه مجرد تسوية مؤقتة لسحب الرهائن من أنفاق المقاومة البطلة التي أدّت ما عليها بإقتدار، ثم تعود الآلة العسكرية الأمريكوصهيونية ببساطة لتنفيذ مشروعها الإجرامي والتهجيري للأشقاء الفلسطنيين، فاليهود، كما هو معلوم لدى المسلمين عامة، لا عهد ولا ميثاق لهم منذ زمن سيد المرسلين نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
وعلاوة على ذلك، فإن كثير من سفهاء الأحلام علّقوا آمالاً كبيرة على تركيا وقطر، مع احترامنا لهاتين الدولتين الشقيقتين حكومة وشعباً، من أجل وقف العدوان نهائياً على غزة، لكن هذا الأمر يبدو ظاهرا أكبر منهما، وليس في استطاعتهما من منظور استراتيجي تحقيقه؛ لكونهما حليفتان أساسيتان في محور الشر الأمريكي بالمنطقة منذ عقود خلت، بل هما دولتان وظيفيّتان تُنفّذان ما يطلبه حاكم البيت الأبيض ويُشرْعِنهُ، وكلّنا نتذكر ما حدث أثناء الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003، ودورهما المباشر والرئيسي في دعم المخطط الجهنّمي في إسقاط بغداد العروبة.
ولذلك، لا تستغربوا تصريحات وتصرّفات أخطر وأكثر عنجهية من الرئيس ترامب في الأسابيع والأشهر القادمة، حول تقسيم سوريا إلى كانتونات سياسية ومذهبية وطائفية حسب رغبة المُخطِّطْ الأمريكي، وإحتلال أجزاء أخرى من جنوبها لفائدة تل أبيب، وتأجيج الوضع في اليمن ضد حركة أنصار الله الحوثيين بدعم المعارضة الداخلية بالمال والسلاح، وكذا احتلال جنوب لبنان كلياً وضمه إلى الكيان، بعد الخديعة التي تعرض لها محور المقاومة ممثلا بحزب الله وإيران وسوريا في ذلك الإتجاه.
بصيص الأمل، الآن، حسب اعتقادي وتحليلي الخاص، يرتكز على ضرورة تشكيل جبهة عربية موحدة ضد التهجير سريعاً، تقودها السعودية والجزائر والكويت وسلطنة عمان لإفشال المُخطَّط ولو مرحليا عبر التهديد بورقة النفط، والتفاوض السلس الهادئ مع مجنون البيت الأبيض لوقف مشروعه الصهيوني في المشرق العربي –الشرق الأوسط؛ لأن مصر والأردن عليهما حاليا ضغوطات سياسية واقتصادية معقدة وجسيمة جداً لن تسمح لهما بمواجهة ترامب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الأستاذ سفيان حشيفة – صحفي وكاتب سياسي جزائري
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً