بقلم الدكتور عبدالله العبادي*
كتب أيلون ماسك: “القليل من الناس يعرفون أن هناك حزباً سياسياً كبيراً في جنوب إفريقيا يروِّج بنشاط كبير للإبادة الجماعية للبيض.” وأرفقه رابطاً لمقطع فيديو للتظاهرة. كما استشهد بتجمُّع سياسي يوم الجمعة الماضي في جنوب إفريقيا حيث غنّى زعماء السود من حزب المعارضة اليساري أغنيةً بكلمات: “اقتلوا البوير، المزارع “. البوير كلمة تعني الأفريكاني.
أيلون ماسك مستشار ترامب المولود في جنوب إفريقيا، يشنُّ هجوماً قوياً على النظام القائم في البلاد ويتّهمه بالعنصرية اتجاه البيض، وكرّر ذلك مراراً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أكّد أنّ بعض الشخصيات السياسية في الحكومة التي يقودها السود، تعمل بنشاط على الترويج للإبادة الجماعية للبيض.
وجاء ردُّ سيريل رامافوزا سريعاً، حيث فنَّد ادّعاءاتِ ماسك واعتبرها روايةً كاذبة تماماً، واعتُبرت كلمته رداً كذلك على مزاعم دونالد ترامب بشأن الموضوع نفسه. وفي رسالة إلى الشعب الجنوب إفريقي، قال رامافوزا أنه لا ينبغي على الأحداث الخارجية ان تؤثر في الوحدة الوطنية أو تؤدي إلى التقسيم. وفي إشارته لرسائل ماسك، دون ذكره، دعا إلى تكذيب الروايات الخارجية التي تقول بأنّ هنالك اضطهاداً وعنصريةً تجاه عرق أو ثقافة ما في المجتمع الجنوب إفريقي.
ويُتّهم النظام الجنوب إفريقي بإساءة معاملة الأفريكانيرز وهي أقليّة بيضاء من خلال التعدّي على مزارعهم الفلاحية أو سنِّ تشريعات تسمح بالاستيلاء على ممتلكاتهم، ويُعتبر الأفريكانيون أقليّة من نسل المستوطنين الأوربيين الذين وصلوا إلى جنوب إفريقيا منذ حوالي ثلاثة قرون.
كما سبق لترامب أن أصدر أمراً تنفيذياً شهرَ فبراير الماضي، يقضي بقطع التمويل عن نظام جنوب إفريقيا وفي الوقت نفسه منح الأفركانيرز وضع اللاجئ في أمريكا، كما تمّ طرد السفير الجنوب إفريقي من واشنطن.
في السياق نفسه كتب وزير الخارجية ماركو روبيو:”إنّ الأغنية هي بمثابة هتاف يُحرِّض على العنف، يجب على القادة والسياسيين في جنوب إفريقيا اتخاذ خطوات لحماية الأفريكانيين وغيرهم من الأقليات المحرومة”، وأضاف “تفتخر الولايات المتحدة بقبول هؤلاء الناس على أراضيها، على الرغم من هذا التهديد المروّع بالعنف المستمر”.
الحزب المعني بهذه الادّعاءات هو حزب المقاتلين من أجل الحرية الاقتصادية، هو رابع أكبر حزب في البرلمان ومعارض سياسي لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي. وقد واجه انتقاداتٍ شديدةً بسبب تأجيجه للتوترات العنصرية وغنائه الأغنية التي كانت تستخدم خلال فترة الفصل العنصري كدعوة لمحاربة القمع الحكومي. الأغنية التي سبق للمحكمة حظرها، منذ أكثر من عقد من الزمن، باعتبارها خطاب كراهية.
منذ صدور الأمر التنفيذي للرئيس ترامب، سعى النظام في جنوب إفريقيا إلى تبديد ما وصفه بالمعلومات المغلوطة حول العنصرية تجاه أقلية البيض، الذين يقعون ضحايا لهجمات عنيفة في مزارعهم، وقد أدانت الحكومة الهجمات، لكن مجموعة الأفريكانيرز ترى أنّ الشرطة في كثير من الأحيان تقلل من عدد جرائم القتل في مزارعهم في الإحصاءات الرسمية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الدكتور عبدالله العبادي – كاتب صحفي، محرر الشؤون العربية و الإفريقية، مؤسس منصة تفكير عربي.
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً