بقلم الدكتور عبدالله العبادي*
خلال الأسابيع القليلة الماضية، كُتب الكثير عمّا بعد حرب غزة، اجتمع الزعماء العرب ليتفقوا على خطة مصرية عربية لإعمار غزة، لم تقبل بها إسرائيل إلى حد الآن، في حين تحدّث ترامب أيضاً عن خططه بشأن مستقبل غزة وأهلها.
إلا أن اهتماماً أقل انصبّ على تقييم ما قد يحدث في غزة إذا اتفقت إسرائيل وحماس على صفقة لإنهاء الحرب الحالية بعد تبادل نهائي للأسرى، ودون خطة، لا عربية ولا أمريكية، لإعمار غزة أو على الأرجح إيجاد تسوية واقعية لواقع القطاع المدمّر.
الإجابة المختصرة هي أن الوضع ليس جيداً على الأرض، قد تنتهي الحرب من دون خطة مستقبلة لما يلي الحرب، ومن دون رؤية أمنية فلسطينية مشتركة تعيد سلطة الضفة على القطاع، سنكون أمام حركة تاريخية تعاد بين الفينة والأخرى.
فوفقاً لمسارها الحالي، من المرجّح أن تُعيد حماس بناء نفسها، بدعم إيراني أو عربي، وستبقى غزة في حالة خراب، وسيكون التوصل إلى تسوية سلمية دائمة أمراً شبه مستحيل سواء بين حماس والسلطة أو بين حماس وإسرائيل.
ولكن إسرائيل لم تنجح بعد في تحطيم حماس كمنظمة مهيكلة ومسلحة. والحقيقة أن حماس رغم غياب معظم قيادييها الذين تم اغتيالهم، فاوضت في قطر من أجل صفقة الرهائن، مما يشير إلى أن قيادة حماس، في ظل الحال المتدهور اليوم لا تزال سليمة وقد تتعرض لضربات شديدة. بعد وقف إطلاق النار وعودة حرية الحركة في أرجاء القطاع، من المؤكد أن أي حلقات مفقودة في هيكلة القيادة سوف يتم إصلاحها، ويتم تجنيد مسلحين جدد كما قالت حماس. وبالتالي، ستتمكن حماس من إعادة تشكيل صفوفها.
إذا لم تتمكن الدول العربية وخصوصاً السلطة الفلسطينية من منع حماس من إعادة ترميم وتأهيل صفوفها، فمن المرجح أن تلجأ إسرائيل إلى فرض قيود أمنيّة مشدّدة على غزة، مما يعني المزيد من معاناة الفلسطيني وفرض حصار جديد. وهذه مشكلة عميقة، لأن غزة اليوم في حالة خراب تام وبحاجة إلى إعادة إعمار لسنين طويلة.
تشير الأمم المتحدة إلى أن حوالي مليوني شخصٍ في غزة بحاجة إلى مسكن، وأن ما يقارب مئتي ألف مبنى، أي حوالي سبعة من كل عشرة مبانٍ قبل الحرب، قد تضررت أو سُوّيت بالأرض، وقد يستغرق إعمار غزة حسب المختصين أكثر من عشر سنوات.
في حال فشلت الخطة العربية، وتعثّر تطبيق مشاريع ترامب، سيبقى الوضع على ما هو عليه. هذا يعني أنه على الأرجح، سوف تمتلك حماس من جديد، الأفراد والبنية الأساسية والأسلحة اللازمة لتظل منظمة عسكرية مهمة في غزة، وتظل فلسطين مقسمة بين الضفة وغزة إلى أجل غير مسمى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الدكتور عبدالله العبادي – كاتب صحفي، محرر الشؤون العربية و الإفريقية، مؤسس منصة تفكير عربي.
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً