بقلم الأستاذ نضال محمد*
وصل الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، مع السيدة الأولى، أولينا زيلينسكايا، إلى السويد في زيارة عمل رسمية. أجرى زيلينسكي مؤتمراً صحفياً مع رئيس الوزراء السويدي، أولف كريستيرسون. و الحقيقة أن هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها زيلينسكي السويد منذ بدء الحرب الروسية-الأوكرانية.
من المقرر أن يلتقي زيلينسكي أيضاً ملك السويد كارل غوستاف و الملكة سيلفيا، والمتحدث باسم البرلمان أندرياس نورلين، وكذلك رئيس الأحزاب البرلمانية.
تهدف هذه الزيارة إلى دعم القوات المسلحة الأوكرانية، تطوير علاقات التعاون الثنائي، بما في ذلك في مجال الصناعات العسكرية.
في الـ 15 من آب الجاري، أعلنت القناة SVT السويدية، نقلاً عن وزير الدفاع، بول جونسون، أن حكومة مملكة السويد ستقدم مساعدة عسكرية لأوكرانيا، قيمتها 314 مليون دولار. تتضمن هذه المساعدة ذخائر للمدرعات المجنزرة CV-90، التي تعمل في الخطوط الأمامية في الجيش الأوكراني، وكذلك قطع غيار للدبابات و المدفعية من نوع Archer.
علاوة على ذلك، يتدرب الطيارون الأوكرانيون على الطائرات المقاتلة السويدية من نوع Gripen، وهي طائرات من الجيل الرابع، تستخدمها السويد منذ عام 1997. في بريطانيا، يستخدمونها كطائرة تدريب. ولكن حتى الآن لم يتبين متى سيتم تقديم هذه الطائرات لأوكرانيا.
كانت السويد سابقاً قد قدمت مساعدات عسكرية متعددة لأوكرانيا؛ إذ بلغ مجموع ما قدمته حوالي 1.57 مليار دولار.
إضافة إلى ذلك، خصصت السويد مبلغاً، قيمته 523 مليون يورو لإعادة إعمار أوكرانيا.
تؤكد بعض المصادر أن زيلينسكي سيزور دولاً أوروبية أخرى لاحقاً، وسيحاول خلال هذه الجولة الحصول على مساعدات عسكرية أكبر لمواجهة القوات الروسية، كما أنه سيحاول حشد الدعم السياسي لما سُمّي (صيغة زيلينسكي للسلام)، و التي تقتضي انسحاب كافة القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية قبل أي مشروع للسلام بين روسيا و أوكرانيا.
في هذا السياق، يجدر التذكير بأن زيلينسكي لم يُصرّ على ذلك في قمة جدة، التي انعقدت في أوائل هذا الشهر، بل تم الاكتفاء بالقول (احترام سيادة أوكرانيا و وحدة أراضيها).
بدوره أكد سابقاً مدير مكتب الرئيس الأوكراني، أندريه يرماك، أن (صيغة زيلينسكي) تحظى بتأييد أكثر 63 دولة في العالم، وهذا العدد في ارتفاع مستمر كل أسبوع.
بالمقابل، فإن بعض الدوائر السياسية و الإعلامية الغربية تؤكد أن (التضامن) مع أوكرانيا يكاد يتفكك بسبب الخلاف الحاد بين الدول الأوروبية حول العديد من القضايا المرتبطة بالأزمة الأوكرانية. إذ بات بعضهم يفضل (مساومة) روسيا بدلاً من (التضامن مع أوكرانيا)!
على هذه الخلفية، يمكننا أن نفهم اقتراح رئيس أركان الأمين العام لحلف الناتو، ستيان جنسن، حلاً للحرب في أوكرانيا، بحيث تتخلى عن الأراضي التي ضمتها روسيا مقابل قبولها عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي.
في الواقع، هذه الاقتراحات سبقتها أخرى مشابهة:
1-فلقد كتب ماريو ليولا، المستشار السابق في البنتاغون والأستاذ في جامعة فلوريدا الدولية، مقالة طويلة في مجلة The Atlantic الأمريكية. تضمنت هذه المقالة عرضاً، يشبه الصفقة السياسية-التجارية، تعترف أوكرانيا والدول الغربية بموجبها بسيادة روسيا على المناطق التي ضمّتها مقابل تعويضات مالية لأوكرانيا.
2-كما كتب دانييل كوفاني، وهو ضابط في الجيش الأمريكي، عمل مدرباً في الأكاديمية العسكرية التركية، مقالة في الجريدة الصباحية لجنوب الصين. تتضمن هذه المقالة عرضاً مشابهاً لعرض ليولا، بموجب هذا العرض تعلن أوكرانيا نفسها دولة محايدة مع الاعتراف بسيادة روسيا على المناطق التي ضمتها سابقاً، مقابل قبول روسيا التنازل عن أموالها المحجوزة في المصارف الغربية من أجل إعادة إعمار أوكرانيا.
هذه المقترحات جميعها تعكس تخبطاً و رغبة، في آنٍ واحدٍ، عند الدول الغربية للخروج من الأزمة الحالية بشكل يحفظ الماء الوجه أو بأقل الخسائر. إلا أن تعثر الهجوم الأوكراني المضاد جعل موقف هذه الدول ضعيفاً، فهي أعلنت مراراً وتكراراً أنها ستدعم أوكرانيا حتى تنتصر! ولكن، بما أن روسيا هي المتفوقة في هذه الحرب، فإنه من الصعب إقناعها بأي مقترح غربي، خاصة في ظل الغياب التام للثقة بين الطرفين.
= = = = =
*الأستاذ نضال محمد – كاتب صحفي و محلل سياسي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً