بقلم الأستاذ سفيان حشيفة*
تعهّد الرئيس عبد المجيد تبون قبل أربع سنوات بالنهوض بالجزائر وانتشال اقتصادها من براثن الفساد والريع، وتطوير قطاعي الصناعة والزراعة، وبدأ بالتنفيذ فعلياً منذ الوهلة الأولى لوصوله إلى سدّة الحكم في ظرف سياسي عصيب كاد يعصف بالوطن، ولم يتوانَ عن النبش في أخطر القضايا وحلحلة كل الملفات المتوارية الموروثة عن الحقبة السابقة، وعمل على إصلاحها بحنكة رجل فذٍّ وسداد رأي وحكمة قرار شيئاً فشيئاً حتى أخرج بلد الشهداء من نفق خطير كاد يُبدّد توازنه السياسي ويفقده سيادته بالتبعية لصندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الرأسمالية العالمية.
وعد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في برنامجه الانتخابي لرئاسيات 12 ديسمبر 2019م، بإحداث تطوير شامل في مختلف القطاعات الوطنية عبر 54 التزاماً وتعُّهداً لإرساء جزائر جديدة طرحها على الشعب، ومنحه ثقته من الدور الأول للاستحقاق في اقتراع نزيه وشفاف باعتراف الجميع موالاةً ومعارضةً، وكان ذلك الأمر نقطة انطلاق نحو تجسيد تطلعات وآمال الجزائريين.
ورغم ضبابية المشهد السياسي وعدم التنبّؤ بمآلاته حينها، عزم الرئيس على الترشّح للانتخابات، كمرشّح حر، وكله غيرة على ما حدث للوطن جراء ممارسات العصابة المنتهية، ولم تُثنِه الضغوطات والدسائس على خوض غمار إنقاذ الجزائر من شبح الإفلاس الاقتصادي والسياسي، ومنع دخولها المرحلة الانتقالية التي طالب بها أعداء الوطن في الداخل والخارج آنذاك.
وقد استهلّ رئيس الجمهورية عهدته الانتخابية الأولى بتعديل الدستور على نحو مُجسِّدٍ لمعالم الحكم الراشد، وإجراء انتخابات تشريعية ومحلية مسبقة، وتعديل قانون الانتخابات الذي وضع حداً للمال الفاسد وحيّد الوجوه القديمة، ومنح الفرصة للكفاءات الجامعية والشبابية للبروز والمشاركة في تسيير الشأن العام، مما هيّأ الظروف لتحقيق الإصلاح والإقلاع الاقتصادي المنشود.
وأمر المسؤول الأول بعد الفراغ من البناء المؤسساتي الجمهوري، واستصدار قانون استثمار جديد مناسب لمناخ الأعمال، بفتح ورشات عمل واسعة النطاق في قطاعات الصناعة والزراعة والأشغال العمومية والمناجم، ولجَمَ الاستيراد والمستوردين وحيّن قوائمهم بما يتسق مع أهداف المشروع الاقتصادي الجديد الرامي إلى ترشيد عمليات التوريد من الخارج والحفاظ على احتياطي العملة الصعبة، وكذا تشجيع الإنتاج المحلي في شتّى الميادين، والتحول نحو التصدير خارج المحروقات في عملية عكسية نجح الرئيس تبون في تنفيذها وجعلها أمراً واقعاً في ظرف وجيز وسط ذهول الخبراء والمتابعين للشأن الوطني، بدليل بلوغ الصادرات غير النفطية سقف 14 مليار دولار هذه السنة حسب التوقعات الرسمية.
كما جرى في الفترة نفسها اعتماد الرقمنة كخيار استراتيجي، والاهتمام بالذكاء الاصطناعي، وشحذ همم الشباب وخريجي الجامعات لولوج عالم المؤسسات الناشئة والصغيرة للمساهمة في دورة الإنتاج الوطني، بعد دعم هذا التوجه من أعلى المستويات بغرض تحقيق التنويع الاقتصادي، ورفع كفاءة الإنتاج المحلي بمختلف المجالات الخدمية والاستهلاكية بغية تعويضه بالمنتجات المماثلة المستوردة من الخارج.
علاوةً على ذلك، حافظ رئيس الجمهورية على الطابع الاجتماعي للدولة امتثالاً لمرجعية بيان أول نوفمبر 1954م التاريخي، حيث سعى بكل جهده لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، والزيادة في الأجور بنسب مرتفعة، ورفع الحد الأدنى من الأجر الوطني المضمون، واستحداث منحة البطالة للشباب الجزائري في سابقة في المنطقتين العربية والإفريقية.
وعلى الصّعيد الخارجي، استعادت الجزائر بفضل توجيهات الرئيس وهجها الدبلوماسي على المستويَيْن الإقليمي والدولي، وصارت عضواً غير دائم بمجلس الأمن الأممي، تقارع فيه الكبار، وتزاحم القوى العالمية، وتصدح بالحجة والرأي حول مختلف القضايا المُستجدة التي تهم الرأي العام الدولي.
هذه الإنجازات والمكاسب وأخرى كثيرة لا يسع المجال لِذكرها، تعدّ طفرة نوعية بوّأت الاقتصاد الجزائري سنة 2023م المرتبة الثالثة على مستوى قارة إفريقيا بنمو 4.1 % باعتراف البنك وصندوق النقد الدوليين، متجاوزاً بذلك الظروف الصعبة التي عاشتها الجزائر سنة 2019م، وكذا تداعيات أزمة وباء “كورونا” الصحية التي شلّت الاقتصاد العالمي مع بداية العهدة الأولى.
إلى ذلك، أدّت المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الإيجابية المُسجّلة في البلاد، إلى تهافت الأحزاب والمنظمات السياسية والاجتماعية الوطنية على مناشدة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون للترشح لعهدة ثانية ومواصلة مسيرة الإصلاحات والبناء، ودعمه ومساندته اللامشروطة في حملته الانتخابية، فضلاً عن ملاحظة وجود تأييد شعبي كبير تترجمه حملات المؤازرة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تهاطلت بها ملايين تدوينات وتعليقات المستخدمين مُعدّدين إنجازات الرئيس ومثمّنين رؤيته للجزائر الجديدة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الأستاذ سفيان حشيفة – صحفي وكاتب سياسي جزائري
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً