بقلم الدكتور جوزيف مجدي*
صلّى أردوغان، قبل بدء الانتخابات التركية، في مسجد آيا صوفيا، بينما زار منافسه متحف أتاتورك. أرسل أردوغان برسائله لبايدن، الذي سيلعن الديمقراطية لو جاءت بأردوغان مرة ثانية للحكم. وليس هذا فحسب، بل دافع أردوغان عن نزاهة الانتخابات ضد التدخل الأمريكي تحديداً، واستدعى الجيش التركي لحماية الصناديق، معتمداً على قدرة الحكومة في رقمنة الانتخابات. ولقد أشارت استطلاعات الرأي التركية أن الشعب التركي كان منقسماً حول أردوغان بنسبة 51.5%.
مع ذلك كله، يبقى السؤال:
هل ستؤثر نتيجة الانتخابات التركية على العالم عامة والشرق الأوسط وتحالفاته الجديدة خاصة؟
الإجابة، قطعاً: نعم!
قولاً واحداً، ستحدد الانتخابات التركية كيفية حدوث الحرب الكونية الثالثة وماهيتها أيضاً.
ولكن متى ستندلع الحرب العالمية الثالثة؟ وكيف؟!
تراقب الولايات المتحدة الانتخابات في تركيا واليونان وتحاول التأثير عليها عبر نفوذها في المنطقة، لكن أردوغان – عبر محرم إينجه – يستخدم تلك الورقة ضد المرشح أوغلو وضد المعارضة التركية بحجة وجود أجندة خارجية عندهم.
كما أنّ المخابرات الروسية راقبت الوضع بدورها؛ فالمخابرات الروسية تحرّكت انطلاقاً من مؤشرات قد تكون سلبية، تجعل فوز أردوغان مستبعداً؛ فجميع استطلاعات وتقارير المخابرات الغربية تنذر باحتمالية خروج أردوغان من الرئاسة. تعلم المخابرات الروسية جيداً أن خروج أردوغان من المشهد السياسي هو أقرب طريق لحرب عالمية ثالثة، قد تنطلق من البحر الأسود على امتداد جبهة طويلة من القرم إلى طرطوس.
تتجهز بريطانيا الآن، فهي اللاعب الفاعل على خط المواجهة غير المباشرة مع الروس، بتزويد الأوكران بصواريخ بعيدة المدى. فبريطانيا تقود بخبث سياسة تطوير الهجوم على الجيش الروسي في القرم وشرق أوكرانيا.
تعرف صقور الكرملين جيداً أن خروج أردوغان سيكون زلزالاً سياسياً، تسعى إليه واشنطن ولندن، و سيغير كل التحالفات القائمة؛ لذا قامت روسيا بنشر أسلحة متقدمة في سورية في ميناء طرطوس؛ فخط القرم / طرطوس هو محور روسيا الأهم في الحرب العالمية القادمة!
لذلك، فإننا نعتقد أن روسيا استعدّت لاحتمال سقوط أردوغان؛ كما أنّ الحياد العربي والمصري لم يسمح بأن يكون للروس حظر جيوسياسي، والقاهرة لم تمنع الاستعداد.
قبل نتيجة الانتخابات التركية ومن يوم 14 مايو؛ استعدّ الروس لنقل (1340 طناً) من السلاح والذخيرة، عبر مضيق جبل طارق، إلى طرطوس السورية، وهذا ما أكدته وكالة avia_pro وثيقة الصلة بالمخابرات الروسية، إذ بيّنت أن السفينة الحربية (Amiral_Pamarov) مرّت من جبل طارق إلى طرطوس، حاملةً أكثر من ألف طن من السلاح لسورية لإدارة حرب قادمة هناك؛ فالحرب العالمية الثالثة لو رحل أردوغان ستكون في البحر الأسود على خط طرطوس – القرم.
لو رحل أردوغان ستتشكل تحالفات جديدة؛ فالمخابرات الروسية ترى في نجاح أوغلو (زيلنسكي جديداً)، لأنه قد يشكل تحالفاً بين تركيا والأكراد والولايات المتحدة وإسرائيل ضد روسيا في سورية والبحر الأسود؛ فواشنطن ولندن تريدان تدمير الأسطول الروسي في البحر الأسود بصواريخ أوكرانية أو تركية، وبالتالي دخول تركيا الحرب ضد الروس بعد فك التزام أردوغان باتفاقية مونترو بشأن نظام المضائق، وبالتالي منع الروس من العبور في البحر الأسود.
تسعى واشنطن، كما لا يخفى على المراقبين، إلى تفكيك تحالفات موسكو خاصة مع تركيا، وبالتالي الضغط على الأتراك لدخولهم الحرب ضد الروس. إذ تنظر الكثير من الدوائر الغربية إلى هذه الحرب دينياً على أنها نبوءة مقدسة، يتم التمهيد لها استخباراتياً، وستؤدي إلى تغيرات جذريّة في مفاهيم التحالفات العالمية والإقليمية!
انتهى الدور الأول في الانتخابات، ومن الصعب التكهن بنتائج الدور الثاني، لذلك فإن الهواجس التي طرحناها في هذه المقالة تبقى مشروعة.
لذلك يبرز السؤال:
هل حدد العرب في أي اتجاه سيتجهون، ومع من سيتحالفون؟
كل من لا يرى في الجيش المصري وبعض الجيوش العربية، كالجيش الجزائري، طوق النجاة فهو ساذج سياسياً ووطنياً؛ فهذه الجيوش سيكون لها دورٌ فاعلٌ في أي حرب مقبلة، بالرغم من كل الصراعات الدامية في المنطقة!
= = = = =
الدكتور جوزيف مجدي – طبيب و شاعر و كاتب سياسي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً