بقلم الد كتور محمد عياش*
لاشكّ بأنّ الكيان الصهيوني يعيش حالةً من الهلع والتّرقّب، والهذيان المبني على «المغلومانية» التي سادت منذ ظهور هذه الظاهرة السرطانية في قلب الوطن العربي، والتي بدأت تتآكل وربما تتلاشى مع الصلف والوحشية غير المسبوقة التي يرتكبها منذ أكثر من سبعة أشهر على قطاع غزة.
أخطأت «إسرائيل» عندما أقدمت على قصف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق واغتيال سبعة من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في 1 أبريل/نيسان 2024، حيث يُعزى هذا الخطأ الكارثي لاتّهام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالدعم المطلق للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وتحميلها كامل المسؤولية.
طهران تحدّثت وعلى لسان المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي؛ عن حتميّة الرد والانتقام لدماء الشهداء وهذا أصبح لزاماً وواجباً لا عودةَ عنه وهو رهن الوقت والظرف المناسب و الهدف الكبير الذي يرقى لمستوى العقاب الموازي للجريمة، والذي من خلاله يجعل دولة الاحتلال تفكر مليون مرة قبل الإقدام على مثل هذا الفعل.
إسرائيل تدرك تماماً الرد الإيراني، إلا أنها تحاول أن تخفف من حجمه وجغرافيته لدى المستوطنين الذين يشتكون من الحكومة الحالية التي تصارع على عدة جبهات، وهذه الجبهات التي من المتوقع أن تنوب عن طهران، حزب الله في لبنان واحتمالية فتح الجبهة الشمالية، والحديث عن مئات الصواريخ التي ستنهال على العدو الصهيوني بدقائق، واستعداد مقاتليه والفصائل الفلسطينية المتواجدة على أرض لبنان لمثل هذه المهمة، وسوريا تشكل خطراً حقيقياً على الكيان من خلال قصف المستوطنات من المناطق الحدودية لا سيما أن دمشق تريدها وتطلبها أكثر من ذي قبل. وجماعة أنصار الله في اليمن التي تشكل تهديداً لا يقل أهمية عن الجبهتين المذكورتين وخبرتها في القتال وتمكنها من قصف السفن والأساطيل في البحر الأحمر وبحر العرب، وأما عن المقاومة العراقية فهي في نفس المقام وربما تبقى آخر التوقعات.
أعتقد في هذه المرة الرد سيكون إيرانياً خالصاً من خلال قصف طائرات مسيرة عمق الأراضي الفلسطينية لمبنى ما يسمى وزارة الدفاع أو بالصواريخ العابرة. لأن الجمهورية الإسلامية تريد أن تعطي درساً قاسياً كما أشرنا وتنهي مسلسل العربدة الصهيونية، فالكيان الصهيوني أدرك الخطأ الجسيم على لسان بعض مسؤوليه و كبار جنرالاته الذين وجهوا انتقاداتهم لرئيس العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو واصفين إياه “بالغبي” والذي يعمل لمصلحته الشخصية بعيداً عن مصالح الكيان العامة.
تحاول الولايات الأمريكية أن تكون بيضة القبان، وذلك عندما تنصّلت من معرفتها بالهجوم الإسرائيلي على القنصلية، وبالتالي فإنها تحاول إقناع الجمهورية الإسلامية بعدم الرد والانتقام والبحث عن الحلول السلمية، لأنها، أي واشنطن، تمارس الضغط من أجل عدم اتساع رقعة الحرب التي لا تصب في مصلحتها، وهي المقبلة على الانتخابات الرئاسية، والصداع الأوكراني وتململ الغرب منها بعد النجاحات الروسية في الحرب و فوز الرئيس الروسي في الانتخابات الأخيرة ومسلسل العقوبات المفروضة على الصين و الحد من تمددها الاقتصادي في أربعة اتجاهات الأرض.
الحرب مع الكيان الصهيوني مقبلة لا محالة، فالجمهورية الإيرانية تستعد لجميع السيناريوهات بعد توجيه الضربة الانتقامية، فالكل في إيران شعباً وجيشاً وحكومة متّحدٌ خلف القيادة الإيرانية، ومستعدٌ لجميع المآلات، ناهيك عن الأذرع المتواجدة في الصفوف الأمامية التي تنتظر الإشارة، هذه فرصة تاريخية للخلاص من هذه الكتلة السرطانية التي تعيق التقدم و الازدهار في الشرق الأوسط.
سيناريو لا يرغب فيه الكيان الصهيوني، وخارج حساباته، هو الداخل الفلسطيني الذي سينفجر في وجه سلطته ويقف في خندق واحد مع الجمهورية الإسلامية و يضاف كعنصر جديد يتبع للجمهورية الإسلامية التي ستتبنى إمداده بكل الوسائل في معركته المصيرية.
تتمنى دولة الاغتصاب أن توجه الجمهورية الإسلامية ضربتها الانتقامية اليوم وليس غداً، لأنها تعيش في قمة القلق والتوجس والخوف من أن تكون الضربة خارج حساباتها، وعدم مقدرتها على الرد بالرغم من وقوف الولايات المتحدة لجانبها، لأنها لا تستطيع أن تدخل في معركة مفتوحة مع الجمهورية الإسلامية، كل ما ذكرناه و توقعناه يجعل هذا العدو المارق في حالة المغلومانية (الهلوسة والخرافات) وكيفية تخلي الرب عن إسرائيل ونهايتها قبل العقد الثامن، العقدة التي يعيشها اللاهوت الصهيوني.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الدكتور محمد عياش – كاتب وباحث سياسي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً