بقلم الأستاذ محمد عبد السلام غالب العامري*
يجب أن نعترف دائماً أنّ القدس وفلسطين تعطينا أكثر مما نعطيها، فقد كشفت عملية طوفان الأقصى حجم السخاء الفلسطيني تجاه الأمة العربية الإسلامية والعالم أجمع، فقد قدّمت لنا الكثير، لإحياء يوم القدس عالمياً. يمكن الاستدلال ببعض ما قدّمته عملية طوفان الأقصى، أبرزها:
-إعادة إنعاش الأمة الإسلامية بالرغم من كل جراحها ونزاعاتها الداخلية، فقد خرجت الملايين من أبناء أمتنا في الشرق والغرب تطالب بالحرية الفلسطينية، وبرز معنى التكاتف والتآخي عبر التبرعات والدعم المادي فاليوم نسمع مفتي هذه الدولة أو تلك الدولة يفضّل دعم غزةَ، بالمال والسلاح والنفس، على زيارة البيت الحرام؛ لتمثل معنى التآخي والوحدة واللحمة الإسلامية.
-وجّهت عملية طوفان الأقصى ضربةً قاسية لمشروع أبراهام، الداعي “للسلام مقابل السلام” مع الكيان الصهيوني، وبروز الجهاد كخيار وحيد لا بديل عنه، ولتصحيح المفهوم لكل أبناء أمتنا ليصبح “الأرض مقابل السلام”. ووضحت أهمية العمل الجهادي الذي تقوده القيادات العربية الإسلامية الحرة.
-مثّلت عملية طوفان الأقصى مدرسةً تربوية جماهيرية لشعوب الأمة العربية والإسلامية، فانعكست بإعادة تنشيط العداء وتوجيهه ضدّ الصهاينة والسلطات الأمريكية ومعظم سلطات الدول الغربية، فنرى اليوم شباب أمتنا تقوم بالحملات المتواصلة لمقاطعة المنتجات الداعمة للصهيونية، بل وصلت إلى مرحلة الاستغناء عنها، لتخضع تلك الشركات لإرادة الشعوب الإسلامية بتغيير موقفها الداعم، وأبرز مثال على ذلك سلسلة مطاعم ماكدونالدز التي رفعت أعلام التضامن مع فلسطين وقدّمت الكثير من المبررات، بعد أن كانت تقدّم الوجبات المجانية لجنود الاحتلال.
-بروز إعلام عربي إسلامي مستقل، استطاع كسر التبعيّة الإعلامية الغربية، رغم السياسات العنصرية ضد المحتوى الفلسطيني في فيسبوك وأنستجرام، واستبداله بمواقع أخرى لا تمارس السياسات الصهيونية عليهم.
-وضّحت مدى خرق القانون الدولي باستخدام أسلحة محرّمة دولياً، الفسفور الأبيض مثالاً؛ ولتوضح أن كل القوانين الدولية إنما تطبّق على الدول الضعيفة والمسحوقة من أمتنا العربية والإسلامية. بالإضافة إلى تبيان جدارة المؤسسات الدولية في تقسيم أمتنا، وسحق قياداتها المخلصة، استرضاءً للصهيونية العالمية.
-سلّطت الضوء على حالة العجز العربي بإنزالهم المساعدات من أجواء فلسطين إلى بحارها، رغم الحدود البرية المشتركة.
كما لا يمكن أن ننسى سخاء فلسطين تجاه اليمن، فقد كانت عملية طوفان الأقصى الجامعة لكل اليمن، وموجّهة العداء تجاه عدو واحد، كما ساهم العدوان الأمريكي البريطاني في جمع كلمة اليمنيين لتجاوز خلافاتهم. فاليوم نلاحظ المهرة بكل ساكنيها تعود الى أحضان الوطن، كما نلاحظ الكثير من قبائل و جنود اليمن تعود الى صنعاء و الحديدة و صعدة و تعز، تهتف بكلمة واحدة لا للعدوان الأمريكي البريطاني على اليمن. ولتعيد تفكيرها لتركّز على محاربة العدو الصهيوني الأمريكي الغربي. فلا قضية تجمع اليمنيين مثل فلسطين، بالرغم من تراجع البيادق والارتزاق، التي تحاول طمس هذا الفضل لفلسطين علينا كلنا.
كل ذلك وغيره لولا سخاء فلسطين لما حصلنا عليه و لو بعد سنوات، بل لزادت الأمة في شقاقاتها وخلافاتها، ولما عرفت تلك الأمة صهاينة العرب، ذوي اللباس الديني.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الأستاذ محمد عبدالسلام غالب العامري – باحث سياسي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً