بقلم الأستاذ كمال زكارنة*
تأسّس مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1946، وأنشأ ميثاق الأمم المتحدة ستة أجهزة رئيسية للأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن. يضع الميثاق المسؤولية الرئيسة عن حفظ السلم والأمن الدوليين على عاتق مجلس الأمن. من أهم واجبات ومهام وأسباب وجود هاتين المؤسستين الدوليتين، حفظ السلم والأمن الدوليين، إنماء العلاقات الودّية بين الدول، تعزيز احترام حقوق الإنسان، والعمل كجهة مرجعيّة لتنسيق أعمال الأمم. يتعهد جميع أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها.
لو قمنا بعملية جرد حساب سريعة لأعمال وقرارات مجلس الأمن الدولي، والذي تعتبر قراراته مُلزمةً وواجبةَ التنفيذ، بعد مرور سبعة وسبعين عاماً على تأسيسه إلى جانب هيئة الأمم المتحدة، وحاولنا الإجابة على الأسئلة الآتية:
ما هي القرارات التي تمّ تنفيذها، والكيفية التي تُتّخذ فيها القرارات، وضد من وبحق من؟
من الذي يسيطر فعلياً على هاتين المؤسستين الدوليتين، ومدى مساهمتهما بحماية حقوق الإنسان، وتطوير وتعزيز العلاقات بين دول العالم، وفي حفظ السلم والأمن الدوليين؟
ما هو معيار العدالة الذي تخضع له تنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة؟
لوجدنا بسرعة قياسية وسهولة متناهية، حجم التمييز في تنفيذ القرارات الصادرة عنهما، وقوة التأثير الأمريكي والغربي على اتخاذ القرارات وتنفيذها، والانتقائية في التنفيذ، وفي منع وتعطيل التنفيذ لقرارات كثيرة، ما تزال في الأرشيف الدولي وعلى رفوف المؤسستين منذ عشرات السنين.
بدلاً من استخدام أسباب ومبررات وجود هاتين المؤسستين الدوليتين في تحقيق الأهداف والغايات التي أنشئتا من أجلها، فقد استخدمتهما الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، من أجل تحقيق مصالحها الذاتية، وضرب دولٍ أخرى وقلب وتغيير أنظمتها والإطاحة بها، وتدمير ونهب ثرواتها ومقدراتها وقتل شعوبها. وفي المقابل، حماية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وتوفير كل أنواع الحماية السياسية والقانونية لهذا الاحتلال، وتبرير جرائمه وإرهابه في فلسطين المحتلة، وتعطيل جميع قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي تزيد عن سبعمئة قرار لصالح القضية الفلسطينية، ووضع الاحتلال الاسرائيلي فوق جميع القوانين والقرارات الدولية، وتوفير الغطاء اللازم له وحمايته من المساءلة والمحاسبة والمعاقبة الدولية.
لم تنجح هاتان المؤسستان الدوليتان في فضّ أيّ نزاع دولي، إلا بقوة السلاح والتدخل العسكري الأمريكي والغربي؛ لأنهما أداة طيّعة بيد الولايات المتحدة والدول الغربية، ووجودهما يخدم فقط المصالح الأمريكية والغربية، ويوفر الغطاء القانوني للهيمنة الأمريكية والغربية والتدخل في شؤون الدول الأخرى تحت حجج وذرائع كاذبة وواهية، كما حصل في العراق ودول عربية وغير عربية كثيرة.
يتناقض عمل مجلس الأمن والجمعية العامة تماماً مع أسباب وجودهما وأهداف تأسيسهما، فهما الغطاء الدموي الذي تستخدمه الولايات المتحدة والغرب لتنفيذ أطماعهم في الدول الأخرى الضعيفة والفقيرة، وحماية مصالحهم، وحلفائهم، وفي مقدمتهم الاحتلال الإسرائيلي، ولقد أصبحتا وسيلتين للشر وتقويض حقوق الإنسان وسلب حرية شعوب بعض الدول، ونهب ثرواتها ومقدراتها واستعمارها بطرقٍ وأساليبَ مختلفة، بشكل مباشر وغير مباشر. لم يعد لهاتين المؤسستين أي دور إيجابي منصف وعادل يخدم دول وشعوب العالم، بل أصبحتا سياطاً مسلطة على أجساد الدول والشعوب بتوجيه أمريكي وغربي مباشر.
= = = = =
*الأستاذ كمال زكارنة – كاتب صحفي و محلل سياسي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً