إعداد الأستاذ علي ابراهيم*
شهدت الأوساط السياسية الدولية اهتمامًا متزايدًا بالقمة المنتظرة في شرم الشيخ، المقرر انعقادها يوم الاثنين المقبل، وسط توقعات بأن تشكل نقطة تحول حقيقية في مسار السلام بالشرق الأوسط. وقد اتفق محللون سياسيون من دول مختلفة على أن هذه القمة لن تكون مجرد اجتماع لمناقشة الأزمة الإنسانية في غزة، بل خطوة استراتيجية نحو شرق أوسط أكثر استقرارًا وأملاً في تحقيق سلام شامل ودائم.
أكد الدكتور عاطف سعداوي، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في برنامج «رادار»، والذي عرض على قناة سكاي نيوز عربية بتاريخ 11 أوكتوبر 2025، أن “القمة لن تُعقد فقط من أجل معالجة ملف غزة، بل كانت تهدف إلى الانطلاق من هذه القضية الإنسانية إلى أفق أوسع يؤسس لشرق أوسط جديد أكثر ثباتًا واستقرارًا”. وأوضح أن “الجزء الرئيسي من الخطة قد نُفذ بالفعل، حيث تم التوقيع على المرحلة الأولى منها وتنفيذها في اليوم التالي لوقف إطلاق النار”.
وأضاف سعداوي أن “القمة الدولية التي جمعت عددًا كبيرًا من قادة العالم انطلقت من ملف غزة لتتناول قضايا أوسع تخص مستقبل المنطقة”. وأشار إلى أن “الهدف الأول للقمة تمثل في تثبيت ما تم الاتفاق عليه والوصول إلى المرحلة التالية”، موضحًا أن “المشكلة لا تقتصر على قضايا الأسرى أو وقف إطلاق النار، بل تمتد إلى ترتيبات أكثر تعقيدًا تتعلق ببنية الأمن والسلام في المنطقة”.
من جانبه، رأى الدكتور روبرت رابيل، أستاذ العلوم السياسية في جامعة فلوريدا أتلانتيك، عبر نفس البرنامج، أن “الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان مصممًا على تحقيق سلام شامل ودائم في الشرق الأوسط والعالم”. وأوضح أن “ترامب وضع مصداقية الولايات المتحدة على المحك، معتبرًا أن ملف غزة يمثل نقطة الانطلاق لحل القضية الفلسطينية، ومن ثم الانتقال إلى ملفات سوريا وإسرائيل، ولبنان وإسرائيل، بما في ذلك رسم الحدود بينهما”.
وفي تعقيبه على هذه الرؤية، أوضح الدكتور سعداوي أن “المطلوب لم يكن توسيع عملية السلام بقدر ما كان البدء بها من جديد، بعد أن دمّر نتنياهو بسلوكه العدواني والإجرامي كل الفرص المتاحة منذ توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية”. وأشار إلى أن “بدء عملية سلام حقيقية يتطلب وجود إدارة أمريكية لديها الرغبة والقدرة على فرض هذا السلام”.
أما الدكتور روبرت رابيل، فقد خالف سعداوي في جزئية محددة، موضحًا أنه “لا يرى أن توسيع دائرة السلام قد تدمر، بل تأخر فقط، مؤكدًا أن هناك قرارًا استراتيجيًا خليجيًا بضرورة الوصول عاجلاً أم آجلاً إلى اتفاق مع إسرائيل”.
وفي هذا السياق، شدد الدكتور سعداوي على “أن التيارات المتطرفة في إسرائيل، بما فيها الحكومة الحالية، كانت وراء معظم القرارات العدوانية التي اتُخذت في السنوات الأخيرة”. مؤكدًا أن “أي سلام عادل ومستدام يجب أن يقوم على أسس فكرية وثقافية شاملة”. وأشار إلى أن “خطة ترامب ذهبت بهذا الاتجاه، متوقعًا أن يحمل خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي رسائل مبطّنة تُحمّل إسرائيل، وتحديدًا تياراتها السياسية المتطرفة، مسؤولية كبرى في إنجاح مسار السلام”.
من جهته، أكد الدكتور هشام عبد العزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، عبر لقاء له على قناة اكسترا نيوز في نفس اليوم، أن “الأحداث الأخيرة في غزة أثبتت صوابية الرؤية المصرية والدور التاريخي الذي تلعبه القاهرة في المنطقة”. وأعرب عن ثقته بأن “القمة المزمع عقدها في مصر ستفتح آفاقًا لاتفاقيات جديدة، تمهّد لتحقيق سلام حقيقي في الشرق الأوسط”.
يمكن القول إن قمة شرم الشيخ ستحمل بين طياتها آمالًا عريضة وتحديات جسيمة. فبينما رأى بعض المحللين أن القمة شكلت انطلاقة جديدة نحو سلام شامل، اعتبر آخرون أنها اختبار لنوايا الأطراف في التزامهم بهذا المسار. ومع ذلك، بدت القناعة العامة أن مصر استعادت دورها المحوري في إعادة تشكيل معادلة السلام في الشرق الأوسط، لتبقى شرم الشيخ محطة فارقة بين زمن الأزمات وبداية عهدٍ جديد من الاستقرار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الأستاذ علي ابراهيم – كاتب مراسل صحفي
