إعداد الأستاذ محمود المحمود*
اغتالت إسرائيل يوم 31 تموز/يوليو 2024 إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، في العاصمة الإيرانية طهران بعدما كان في زيارةٍ لها للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان. قُتل إلى جانبِ هنية حارسه الشخصي القيادي الميداني في كتائب القسّام وسيم أبو شعبان.
مثَّل اغتيال إسماعيل هنية أكبر خسارة في صفوف قادة حركة حماس مُنذ اندلاع عملية طوفان الأقصى. لم تُعرف بعد الطريقة التي قُتل بها هنية على وجه الدقّة، كما لم تُعلن إيران بعد نتائج التحقيق الذي فتحته حول عمليّة الاغتيال هذه، وتراوحت التقديرات بين ضربة صاروخية أو غارة جويّة أو حتى عبوة ناسفة فُجّرت عن بُعد.
التزمت إسرائيل من جانبها الصمت فلم تتبنَّ العملية بشكلٍ رسمي، ولم تُعلن عن تفاصيلها، بل و منعت الوزراء وغيرهم من المسؤولين الحكوميين الحديث في أيّ تفاصيلٍ تخصُّ هذه العملية. على الجانب المُقابل فقد توعَّدت إيران عبر مختلف قادتها، بما في ذلك المرشد علي خامنئي، بالانتقامِ لدم هنية و الردّ في الداخل الإسرائيلي.
يقول الدكتور رائد المصري، و هو أستاذ محاضر في الفكر السياسي والعلاقات الدولية و صحافي لبناني و كاتب سياسي عربي و دولي، في تصريح خاص لمركز JSM: “من الواضح أن هذا الموضوع فيه إرباك شديد وتعقيد كبير، خصوصاً أن إسرائيل لم تتبنّ عملية الاغتيال، ما يعني أن أي رد إيراني مهما كان حجمه على هذا الاغتيال ستعتبره إسرائيل تحدٍ لها و اعتداءً على أراضيها”.
وفي هذا السياق، يشير الدكتور علوان أمين الدين، مؤسس ومدير مركز سيتا، في تصريح خاص لمركز JSM: “لقد تأخرت إيران بالرد لأنها تعتبر الحرب النفسية جزءاً من الضربة، والرئيس بزشكيان لا يزال جديداً وليس لديه حكومة، وهذا أيضاً جزءٌ من تأخرها بالرد. من جهة أخرى، تستعد إيران لضربة استباقية وهي تنشر على الشاطئ الغربي لإيران دفاعات جوية، وهي لا تأمن الجانب الإسرائيلي”.
وعن عواقب الرد و ارتداداته الإقليمية، أكّد الدكتور المصري: “من البديهي القول أن هذا سيجر فصائل المقاومة التابعة لإيران، وخصوصاً في لبنان أو العراق أو اليمن، إلى ردود موحدة، وهذا بطبيعة الحال سيجر المنطقة إلى صراع مفتوح لا يعرف أحد مداه”.
و حول هذه النقطة، أضاف الدكتور أمين الدين: “هناك ضربات من كل طرف؛ ضربة من إيران و حزب الله و العراق و سوريا، اليمن، ومن الداخل الفلسطيني، لكن احتمالها ضعيف! إما أن تكون الضربات منفردة و إما أن تكون متوازية، و حتى الآن لا نعلم شكل الرد، وهذا بمثابة حرب نفسية بالنسبة لإسرائيل، وهذا ما تخاف منه إسرائيل، لأنهم لا يعلمون حجم الضربة ولا شكلها”.
و حول الموقف الروسي من الموضوع، أوضح الدكتور المصري بأن: “الجانب الروسي كان واضحاً في تحذيره إيران بعدم توسيع دائرة الحرب؛ فهذا ما يريده نتنياهو، الذي يرغب بجر المنطقة إلى حرب شاملة عن طريق ضرب إيران مباشرة؛ و هو يملك الحجة لذلك، خصوصاً أن الأساطيل و البوارج و حاملات الطائرات الأمريكية بدأت انتشارها من مضيق هرمز إلى البحر الأحمر و البحر الأبيض المتوسط. وهذا بطبيعة الحال لا ترغب به موسكو حالياً، خصوصاً أن خوفها نابع من إمكانية إسقاط سورية أو اهتزاز النظام في سورية؛ خصوصاً في هذه الظروف. لا يمكن أن تقبل موسكو أيضاً فتح هذه الجبهة، في سورية، إذ أنه يوجد عندها جبهة مفتوحة في أوكرانيا، وحلف الناتو يحاول دعم أوكرانيا بكافة أنواع الأسلحة”.
يختم الدكتور المصري حديثه قائلاً: “أتى التريث الإيراني لهذه الأسباب، لكن الرد كما يقول الإيرانيون حتمي. و أنا أعتقد أن الموضوع تقرأه إيران بتأنٍ، وتبحث حجم الرد و كيفيته، وبالتالي إذا لم يحصل الرد، و بقيت الحال كما هي، فهذا يعني أن إسرائيل قد حققت نقاط عسكرية و رسمت حدود اشتباك و قواعد ردع إضافية، سواء في جنوب لبنان أو في جنوب سوريا أو في إيران. هذا هو الواقع، فالقضية صعبة و معقدة”.
وحول إمكانية قيام إسرائيل بضربة استباقة ضد إيران، بيّن الدكتور أمين الدين: “هناك ضربة استباقية إسرائيلية، و لكن لا يوجد مقومات لها حتى الآن، خصوصاً أن هناك مشاكل بين وزير الدفاع و رئيس الحكومة و أجهزة المخابرات. فوزير الدفاع غالنت عبّر بصراحة: نحن من أفشلنا الصفقة ولن يكون هناك نصر لنا”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الأستاذ محمود المحمود – كاتب و مراسل صحفي