بقلم الدكتور مصطفى يوسف اللداوي*
لم يكن محور المقاومة موحّداً في تاريخه كما هو اليوم، فهو اليوم في ظل معركة طوفان الأقصى وقبلها، كلمته واحدة، وقراره مشترك، وتنسيقه فاعلٌ، واجتماعاته دائمة، ومتابعته دقيقة، وجاهزيته عالية، وقدراته حاضرة، ويده على الزناد في كل الجبهات واثقة، وسلاحه ماضٍ، وصواريخه موجّهة، ومُسيّراته مستعدة، ومقاتلوه في كل الساحات متأهبون ينتظرون، وجاهزون يترقبون، فهذه معركة الأمة كلها، على اختلاف أطيافها وانتماءاتها، وفي القلب منها محور المقاومة، الذي أعدّ لها وتجهّز، وخطّط لها ونظّم، ودرّب من أجلها ونسّق، وعلم بحتميتها وأيقن، وقد دقّت ساعة العمل وحان وقت الفعل.
اليوم تتّحد الأمة كلها على فلسطين ومن أجلها، وتتّفق الجهود كلها لتحريرها، وتلتقي مقاومتها لتحقيق الوعد الإلهي بالنصر الناجز والعودة الأكيدة، فهذا وعدٌ لن نخلفه، وعهدٌ لن ننكثه، وستكشف الأيام القادمة عن مفاجآتٍ للعدو صادمة وللأمة مفرحة، تسوء وجه العدو وحلفائه، وتثلج صدور المقاومة ومحبيها، فلدى محور المقاومة، الذي إليه المقاومة في فلسطين تنتمي، حماسها وجهادها وكل فصائلها؛ ما تقدمه مما ترونه على الأرض ومما يخفى عنكم، مما تعرفه المقاومة في غزة وتعلمه، وتستفيد منه وتنتفع به.
قوى محور المقاومة في لبنان وسوريا، وفي العراق واليمن، وفي إيران وفي جهات الدنيا الأربع، حاضرة في المعركة بقوةٍ تخيف، وتهديدٍ يردع، ووعودٍ تصفع، والعدو منها خائفٌ قلقٌ، فهو لا يريد لها أن تهبّ وتنطلق، وأن تتّحد وتتفق، وأن تكون مع المقاومة في غزة جبهةً موحدةً، وسنداً يدعم، وشريكاً يقاوم، إذ لا يقوى العدو على القتال على أكثر من جبهة، ولا يستطيع الصمود على أكثر من ساحة، وهو يخشى مواجهة أطراف عدة وتلقي القصف من جبهاتٍ متعددة، وشريكه في التحالف، أمريكيّاً كان أو أوروبيّاً، يدرك أن قوى محور المقاومة مدركة لطبيعة المعركة، وتعرف أبعادها وتتحكم في قرارها، وجاهزة للقيام بدورها، ولن تسمح بالاستفراد بأيٍ من أطرافها.
ثقوا أيها المقاومون المنتسبون إلى محور المقاومة، سُنّةً وشيعةً، عرباً وعجماً، عامةً وفصائل، وقوى ومجموعاتٍ، أنكم جميعاً في الميدان، وأنكم شركاء في المعركة، والمقاومة في غزة تحفظكم وتعرف قدركم، وتجلكم وتعترف بدوركم، وتعتمد بعد الله عز وجل عليكم، وتعرف أنكم معها في الميدان وعلى الأرض، وأنكم تشاركون وفق التقديرات المشتركة والحاجات الملحة، وأن التسخين على الجبهات هو جزءٌ من المعركة، وأن التدرج أساسٌ فيها، وأن المقاومة راضية عن فعلها، وتنتظر التوقيت المناسب لمضاعفة دورها، وهي على ذلك قادرة عندما ترى أن الوقت قد حان وأن المعركة قد لزمت.
وثقوا أيها المقاومون، قوىً وشعوباً، أنكم شركاء في النصر وفي الظفر، ولكم أجركم وحصتكم في الغنيمة، فقد ساهمتم وقدمتم، وأعطيتم وبذلتم، وساعدتم وجهزتم، وما القوة التي اجتاحت الحدود وحررت أرضها، واستعادت حقوقها، ونالت من عدوها، وساقت جنوده إلى القتل أو قيود الأسر، إلا جزءاً منكم وبعضاً من إعدادكم وتجهيزكم.
فهذا النصر نحن جميعاً فيه شركاء، سنبني عليه وسنُراكم فوقه، وسنواصل دربه وسنعد لغيره، وسننجز مثله وأفضل منه إن شاء الله، ولعل العدو المضطرب الخائف، المرتبك الواجف، قد بات يدرك أن منيّته قد اقتربت، كما أن سوأته قد كشفت، وأن صورته الزائفة قد فضحت وقوته الظاهرة قد بهتت، ولم يعد لديه ما يحمي به كيانه أو يرمم به بنيانه.
أيها المقاومون المرابطون المتظاهرون المحتشدون المتضامنون، اليوم نرفع رؤوسنا عالياً بين الأمم تيهاً ونصراً، وتعلو أصواتنا في وجوه الأعداء عزاً وفخراً، ونتواضع لله عز وجل امتناناً وشكراً، فقد حققنا بعضاً مما كنا نتمنى، وأنجزنا الكثير مما خططنا له وأعددنا، وها هي الأمة كلها تتهيّأ وتتجهّز، وفي شوارع عواصم الأمة كلها تحتشد وتتجمع، وتهتف حناجرها وتتوحد سواعدها، تزحف نحو فلسطين من كل مكان، فهذه طلائع النصر وبشائر العودة الميمونة إن شاء الله.
= = = = =
*الدكتور مصطفى يوسف اللداوي – كاتب وباحث سياسي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً