بقلم الد كتور محمد عياش*
قواعد الفيزياء تعمل بدقّة وبنجاح وقابلية، إذا تعلّق الأمر بحلّ المشكلات أو أي شيء يحتاجه الجنس البشري. فمثلاً هناك المثال الأكثر شيوعاً واستعمالاً واستخداماً باعتباره القانون الثالث من قوانين نيوتن للحركة في الميكانيكا التقليدية، على أن القوى تنشأ دائماً بشكل مزدوج. حيث يكون لكلّ فعل ردُّ فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه. وتعيين إحدى القوتين كفعل والأخرى كرد فعل هو تعيين تبادلي حيث يمكن اعتبار أي من القوتين فعلاً في حال اعتبار الأخرى ردَّ فعل، والعكس صحيح.
إلا في فلسطين تتعطل كل القوانين الفيزيائية وحتى الكيميائية وبقية العلوم ولا ننسى المحاكم التي لها سمعة كونية كمحكمة العدل الدولية /لاهاي/ التي أطلت برأسها خجلاً ودفعاً من دولة عانت الأمرّين من الاحتلال والتمييز العنصري الأبارتايد البغيض، جنوب أفريقيا.
معظم الكتاب في صحيفة الشرق الأوسط التابعة للمملكة العربية السعودية يكيلون الاتهامات للمقاومة الفلسطينية ويحمّلونها مسؤولية تدهور الأوضاع في قطاع غزة بعد الهجوم على غلاف غزة، ومنهم من يتغنى ويتشدق بالامتيازات الممنوحة من الكيان الصهيوني للقطاع مثل: المطار والميناء وقصر الضيافة وقبول الآلاف من العمال الفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة وبالتالي يتغافل هذا الكاتب الذي كان بالأمس القريب رئيس التحرير لهذه الصحيفة التي لا تبذل أي جهد للحديث عن الحصار الظالم! بينما يتساءل الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس عن الأسباب والدوافع لهجوم السابع من أكتوبر!
«إسرائيل» لم تعطِ موعداً لإنهاء حصارها للقطاع الذي يتواجد فيه أكثر من مليوني فلسطيني على مساحة
140 ميلاً والعالم المتبلِّد اعتاد هذا الوضع في ظل الغياب المطلق من المبادرات أو النيات لإنهاء الحصار.
لو كان رئيس الصحيفة الأسبق من سكان القطاع، هل كان سيحمد وسيشكر الله على المطار المعطّل أو الميناء الذي ترقبه البوارج الصهيونية، ناهيك عن الحركة والمرور والخروج من المعابر الإذلالية، لكن كما يقولون في الأمثال الشعبية (حديث القرايا لا يتساوى مع حديث السرايا).
تعاطف العالم بإجماع مع القضية الفلسطينية، لكن هذا لا يكفي مع أهميته، والعالم يتعاطف مع الضحية لبعض الوقت لكن يحترم القوي طوال الوقت، هذه الحقيقة. فكتاب الشرق الأوسط خارج السرب العروبي الوطني بعد أن أصابهم النهم والغدق من الدولارات والعيش الرغيد.
ثمة رائحة للهزيمة الصهيو-أمريكية في القطاع، والخلافات بينهما تتصاعد كل يوم، وذلك يعود للصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية. والمعادلة في هذا الشأن واضحة فـ «إسرائيل» تعتمد كلياً على الولايات المتحدة، بينما الثانية تخشى من التمادي الصهيوني في الإيغال بالدم الفلسطيني الذي يعكس حالة من الغضب والحنق ضدها، وبالتالي كأنّ واشنطن أعطت «إسرائيل» مهلة للقضاء على المقاومة وهذه المهلة انتهت.
لا يمكن لأي شعب في هذا الكون أن يرتضي الاحتلال ويتعايش معه، حتى لو صرف لهم رواتب دون عمل!
لم تخطئ المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر، وهذا عملٌ سيسجل لها في صفحات التاريخ من ذهب وعلى الذين يخافون أن تصيبهم دائرة السوء من العدو الصهيوني أن يراجعوا أنفسهم وعقيدتهم، وإذا استعسرت المراجعة على الأقل فلينظروا للمجازر الوحشية البربرية التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين وكل من يتحرك على الأرض، وهدم المربعات السكنية على رؤوس ساكنيها، واستباحة المستشفيات ودور العبادة؛ لم تترك «إسرائيل» أي محرّم إلا وانتهكته وداست على جميع القوانين الدولية.
من حق الشعب الفلسطيني أن يعيش بكرامة وعزّة، ومع هذا الاحتلال الصهيوني البغيض لا يكفي طوفان واحد، بل عدة طوفانات حتى يزولَ، والمقاومة غير معنية بردّة الفعل الصهيونية أو العالمية، لأن هؤلاء من تسببوا بهذه المصيبة، والقاعدة الأساسية التي انطلقوا منها قوله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة). وليس: أعدوا لهم مثل ما أعدوا لكم. لأن الأمر متروك للعقيدة والشرفاء الذين يحملون الفكر العقائدي وليس من يتنافسون على المناصب والفنادق.. وللحريّة الحمراء بابٌ بكلّ يد مُضرّجة يُدقُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الدكتور محمد عياش – كاتب وباحث سياسي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً