بقلم الدكتور عبدالله العبادي*
مشكلة مجتمعاتنا المعاصرة في المنطقة العربية، لن تحل باستبدال شخص بشخص آخر، أو نخبة سياسية بنخبة أخرى. المسألة غير هذا تماماً، إنه المناخ العام السائد والمهيمن، ومستوى الوعي الفردي والجماعي، العيب في الأفراد مهما اختلفت أجيالهم.
يكمن العيب أولاً في مستوى التعليم المتدني، وما يفرزه من أجيال غير جاهزة لمعارك الحياة وذات حمولة ثقيلة من التفاهة والتسطيح. العيب في انتشار الفساد بشكل كبير مع توالي السنين.
لماذا ننتظر نكبات النتائج لنحاسب المسؤولين، أين الرقابة والمتابعة؟
من تركهم في مناصبهم عشرات السنين بدون نتائج تذكر؟
العيب، إذن، في الروح السلبية والكسل واللامبالاة وعدم الانتماء، نعم عدم الانتماء للوطن. يزيد الطين بلة، ثقافة التسلية وقتل الوقت والإعلام الترفيهي وأكل المال العام بدون ضمير.
نحن بحاجة إلى تجديد كل الخطابات الثقافية والدينية والسياسية والاجتماعية، الخطاب هو الحامل للفكر أو هو الطريقة التي يتم بها نقل المحتوى المتنوع، يعني أيضاً تجديد الفكر وتجديد المفاهيم، فهل المجتمع على استعداد أن يتقبل مفاهيم و رؤى مغايرة للسائد والمألوف والمسكوت عنه مجتمعياً.
جماعات النخب السياسية، صنعت من الأفراد مدفعاً رشاشاً يطلق الكراهية والعنف والحقد تجاه الآخرين، وكل فريق صنع لنفسه برجاً عاجياً، سواء كان اليسار الراديكالي أو الحركات الإسلامية، فكان البحث عن تحقيق كل شيء إلا بناء الوطن لم يدخل أبداً في حساباتهم و مشاريعهم.
استطاعت الحركات الإسلامية، بخرافات شيوخها ومريديها أن يختموا على سنوات طويلة من عمر الأمة، وكل ما أبدعته عصور النهضة وفلسفة الأنوار، حولوا المشهد لمسخ مشوه، صار الفرد منهم يقرأ ويكره مايقرأ من إبداع، يشتغل به ويحقد على من يستدمج قيم الأنوار والتنوير. أما اليمين واليسار فقد تاهوا قي الأرض، وأتوا على الأخضر واليابس كالنار في الهشيم.
المشكلة اليوم، ليست في الانتخابات و لا استبدال الأشخاص، ولا في الأحزاب السياسية! لكن المشكلة تكمن في الوعي الجماعي للمجتمع ومستوى التفكير، ومدى قابليته وجاهزيته للتغيير نحو الأفضل.
المشكلة، مشكلة بناء قاعدي، بناء مجتمع سليم، مجتمع مسؤول، مجتمع واع بواجباته وحقوقه. آنذاك حدثني عن أداء المسؤولين وسأحدثك عن تقدم الوطن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الدكتور عبد الله العبادي – كاتب صحفي، محرر الشؤون العربية و الأفريقية في صحيفة الحدث الأفريقي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً