بقلم الأستاذ علي ابراهيم*
آموس هوكشتاين سياسي ودبلوماسي أمريكي، ولد عام 1973 في إسرائيل لعائلة يهودية أمريكية. وتلقّى تعليمه في مدارس يهودية قبل أن يخدم في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
انتقل إلى عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية واشنطن، وعمل في عدد من المناصب في الكونغرس الأمريكي قبل أن يبدأ العمل في وزارة الخارجية عام 2011، وشغل مناصبَ مهمّةً مثل نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الطاقة، والمبعوث الخاص، ومنسق شؤون الطاقة الدولية.
زيارة المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين إلى لبنان في الأسبوع الماضي ليست الزيارة الأولى منذ بدء الحرب واشتدادها، لكن في هذه المحطة حمل هوكشتاين وثيقةً سلّمتها إسرائيل إلى واشنطن، كما ذكر موقع أكسيوس الأمريكي، تتضمن شروطها لإنهاء الحرب، أبرزها “حرية الطيران الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية، وحرية تنفيذ عمليات عسكرية لمنع حزب الله من إعادة بناء بنيته العسكرية جنوب البلاد”.
التقى هوكشتاين في العاصمة اللبنانية (بيروت) رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي، حليف حزب الله والمكلّف من قبله بالتفاوض في إطار مساعي التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في المواجهة المفتوحة مع إسرائيل. استهلّ هوكشتاين لقاءاته في العاصمة اللبنانية بزيارة السيد برّي في مقر إقامته، والتقى لاحقاً السيد ميقاتي.
استبقت إسرائيل وصول الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى بيروت، وأيضاً المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين، بجولات قصف “حامية” غير مسبوقة، صعّد خلالها الجيش الإسرائيلي من ضرباته مستهدفاً مواقع تابعة لفروع مؤسسة “القرض الحسن” في كل لبنان، التي يعتبرها إحدى أدوات تمويل نشاطات حزب الله.
يهدف هذا التطور الميداني إلى فرض قيود على المساعي الدبلوماسية، التي وصفها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي “بالفرصة الأخيرة للولايات المتحدة” من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.
في هذه الزيارة، أكّد المبعوث الأمريكي أن زيارته تهدف لوضع أسس لإنهاء هذا النزاع من خلال تطبيق القرار 1701 بكل شفافية وعدل، مشيراً إلى أنّ واشنطن تريد وقف هذا النزاع وتعمل مع الدولة اللبنانية وحكومة إسرائيل لتحقيق ذلك. وأضاف: إن مستقبل لبنان وربطه بالنزاعات لا يمكن أن يكون في مصلحة اللبنانيين. وفي السياق ذاته، أكّد السيد ميقاتي أنه لا بديل عن القرار 1701، وإن أي تفاهمات جديدة، يمكن أن تُلحَق به من أجل تنفيذه، لا يجب أن تمسّ جوهره.
وقد ذكر موقع أكسيوس -نقلاً عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين- أن إسرائيل قدّمت للولايات المتحدة الأسبوع الماضي وثيقة مبادئ بشأن شروطها للتوصل إلى حلٍّ دبلوماسي لإنهاء الحرب في لبنان.
فيما يتعلق بحزب الله، حاول لوكشتاين في بيروت الحصول على معلومات عن القدرات العسكرية الحقيقية لحزب الله، وهل يتمكن الحزب من الاستمرار بالحرب بهذه الطريقة إلى أجل طويل!
فيما يتعلق بالجانب الإيراني، فيبدو أن الحرب ستتوسع في هذا الاتجاه لأن من يريد توسيعها هي الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، والضربة الإسرائيلية الأخيرة لبعض المواقع العسكرية في إيران تؤكد على ذلك.
في سياق آخر، أدانت الخارجية اللبنانية الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مراكز قوة الأمم المتحدة المؤقتة لحفظ السلام في لبنان (اليونيفيل) ومطالبتها بإخلاء مواقعها. وفي وقت سابق، قالت اليونيفيل:” إن جرافة تابعة للجيش الإسرائيلي هدمت عمداً برجاً للمراقبة وسياجاً محيطاً بموقع للأمم المتحدة في مروحين بقضاء صور جنوبي لبنان”.
يبدو بوضوح أنّ إسرائيل بهذه الطريقة تحاول الضغط لاستبدال اليونيفيل بقوات دولية ذات صلاحيات أوسع، لكي تكون سداً مانعاً بينها وبين قوات حزب الله.
فضلاً عن ذلك، أفادت مصادر إعلامية أن هوكشتاين سيزور إسرائيل اليوم الأحد، وقد يزور بيروت مجدداً، لاستكمال مباحثات وقف إطلاق النار في لبنان، ولكن إسرائيل تقول بشكل واضح أنها غير معنية بأي حل سياسي إذا لم تخضع الأطراف اللبنانية للشروط التي تريدها. علاوة على ذلك، فإن أي ورقة عمل سيتم طرحها تحتاج إلى عدة أسابيع من النقاش بين الأطراف، وهذا يعني أنه لا يمكن الوصول إلى تسوية مقبولة قبل الانتخابات الأمريكية.
في النتيجة، فإن الغاية من هذا النشاط الدبلوماسي الذي يقوده هوكشتاين في المنطقة هي إرسال رسالة إلى الرأي العام الأمريكي بأن الولايات المتحدة الأمريكية تتابع هذه الأزمة وتحاول البحث عن حلول لها؛ فمن مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة تهدئة زخم المعارك قبيل الانتخابات الأمريكية!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الأستاذ علي ابراهيم – كاتب و مراسل صحفي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي كاتبها حصراً