بقلم الدكتور نجم الدليمي*
نعتقد أنّ النتائج الكارثيّة التي سوف نذكر بعضها يتحمل مسؤوليتها قادة نظام المحاصصة السياسي والطائفي والقومي الحاكم؛ فهم نفذوا و ينفذون، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، أهداف المحتل الأمريكي. و في هذا الخصوص يشير قائد البروليتاريا العظيم لينين، أن ذلك يعد خيانة عظمى للشعب.
نذكر بعضاً من نتائج الاحتلال الأمريكي للعراق منذ العام 2004 حتى الآن:
1-أصبح قادة النظام أداة طيّعة ومنفذة ومخرّبة لصالح القوى الإقليمية والدولية والمؤسسات الدولية وضدّ مصالح الشعب العراقي.
2-أشعلوا الفتنة الطائفية في العراق المحتل اليوم وذهب ضحية ذلك الآلاف من فقراء الشعب العراقي.
3-ابتلاء العراق والشعب العراقي بالفساد المالي والإداري من أعلى قمة السلطة حتى أدناها وبدون حساب ورقيب عليهم، لأنهم محميون من قبل القوى الإقليمية والدولية.
4-دمروا وخربوا، وبشكل واعٍ ومدروس ومخطط له، الاقتصاد الوطني؛ فلا زراعة و لا صناعة و لا تعليم و لا صحة و لا كهرباء و لا مياه صالحة للشرب للمواطنين العراقيين.
5-سرقوا ثروة الشعب العراقي بأساليب مدانة، و بعلم من الجهات المعنية، وتم تحويلها للخارج بالدولار الأميركي؛ إذ تجاوزت هذه المبالغ الـ 800 مليار دولار أمريكي؛ وهو لا يخجلون من ادّعاء الإسلام السياسي، و الحديث عبر التلفاز بالحرام و الحلال في الإسلام!
6-سعَوا و نفذوا مخططاً معادياً لمصلحة الغالبية العظمى من الشعب العراقي، وهو السعي إلى بيع العراق لصالح القوى الإقليمية، والعمل على تفكيك الدولة العراقية تحت ما يسمى الديمقراطية وحقوق الإنسان والفيدرالية، وتحت غطاء الطائفية المقيتة. فالقوى الإقليمية والدولية لا تريد العراق دولة موحدة، دولة قوية اقتصادياً و اجتماعياً و عسكرياً.
7-يشكل حجم الخراب والدمار الممنهج، الناجم عن الاحتلال الأمريكي للعراق كارثة حقيقية على الشعب العراقي، ومنها على سبيل المثال:
بلغ عدد الضحايا أكثر من مليون شخص. تجاوز عدد النازحين داخل وخارج العراق المحتل الـ 7 مليون شخص، وعدد المفقودين ما بين 600-800 ألف شخص. تقلّص عدد النخيل في العراق من 33 مليون نخلة إلى أقل من 6 مليون نخلة، والكارثة لا تزال مستمرة. يعيش أكثر من نصف المجتمع العراقي في فقر مرعب ومخيف. يوجد في العراق المحتل أكثر من 5 مليون يتيم. كما يوجد في العراق اليوم أكثر من 8 مليون أمي، كما يصل عدد أشباه الأميين من خريجي الثانويات والجامعات والمعاهد العراقية إلى أكثر من 80 بالمئة من الخريجين وفق المعايير العلمية الدولية. تنامى معدلات البطالة بشكل مرعب إلى أن وصل إلى أكثر من 50 بالمئة وسط الشاب وخاصة الخريجين. أكثر من 14 ألف معمل توقف عن العمل، وبشكل مقصود وممنهج؛ إذ لعبت ولا تزال تلعب القوى الإقليمية والدولية والمؤسسات الدولية دوراً مهماً وكبيراً في ذلك عبر حلفائهم في قمة السلطة. تفشي الأمراض النفسية والخبيثة في المجتمع العراقي. تفشي تعاطي المخدرات في المجتمع العراقي اليوم و خاصة وسط الشباب.
8-تعمق الفجوة الاجتماعية والاقتصادية لصالح النخبة الأوليغارشية المافيوية الحاكمة، التي استحوذت على حصة الأسد من ثروة الشعب العراقي وحولتها للخارج؛ فهم يعيشون ويدرسون ويعالجون أنفسهم وعوائلهم في الخارج بأحسن الجامعات وبأحسن المستشفيات بالمال المسروق، ومع ذلك يدّعون الإسلام.
9-السلطة هجينة في العراق، وخاصة السلطة التشريعية؛ إذ أن نحو 50 عضواً برلمانياً يحملون الجنسية البريطانية، و 36 الجنسية الإيرانية، و 5 الجنسية الفرنسية، و 5 الجنسية السويدية، و 4 الجنسية الهولندية، و 3 الجنسية الدنماركية، و 3 الجنسية الإماراتية، و 3 الجنسية الأردنية، و 2 الجنسية التركية. و في السلطة التنفيذية لا يختلف الواقع كثيراً. لا يوجد مثل ذلك في أي دولة في العالم إلا في العراق المحتل اليوم.
10-لصوص محترفون تحت غطاء الدين، الدليل و البرهان: 152 شخصاً يستلم 6 رواتب، 463 شخصاً يستلم 5 رواتب، 972 شخصاً يستلم 4 رواتب، 64018 شخصاً يستلم 3 رواتب شهرياً، أكثر من 250 ألف شخص يستلم راتبين.
هؤلاء اللصوص يكلفون الدولة العراقية سنوياً نحو 18 مليار دولار، و الغالبية العظمى منهم من الأحزاب والكتل والتيارات السياسية المتنفذة اليوم في الحكم. و لقد كشف تقرير أمريكي قادة نظام المحاصصة و أموالهم، ونشرت هذا التقرير بغداد نيوز، و سنذكر بعض النماذج:
ثروة مسعود بارزاني 48 مليار دولار، النجيفي 44 مليار دولار أمريكي، إياد علاوي 43 مليار دولار أمريكي، عمار الحكيم 40 مليار دولار أمريكي، جلال طالباني 35 مليار دولار أمريكي، نوري المالكي 35 مليار دولار أمريكي، أحمد الكربولي 35 مليار دولار أمريكي، سعدون الدليمي 30 مليار دولار أمريكي، الحلبوسي 30 مليار دولار أمريكي، صالح المطلك 22 مليار دولار أمريكي، زوجة جلال طالباني 9 مليار دولار أمريكي، عادل عبد المهدي 3 مليار دولار أمريكي.
لو افترضنا أن التقرير الأمريكي بالغ في تقدير أموال المذكورين أعلاه، وكان مقدار الخطأ فقط 50%، فإن %50 من المبالغ المسروقة تشكل كارثة حقيقية و مرعبة على المجتمع العراقي و الاقتصاد الوطني. فنحن لم نسمع أو نقرأ أن أحداً من هؤلاء قدّم طلباً رسمياً للقضاء العراقي ضد التقرير الأميركي المنشور!
علاوة على ذلك، فلقد نشرت شبكة الأخبار العراقية، نقلاً عن وزير الخارجية الأميركي السابق، مايك بومبيو، بأن الإدارة الأمريكية قد أبلغت الحكومة العراقية بوجود 840 مليار دولار أمريكي عند قادة الكتل السياسية والسياسيين العراقيين، وهذا يكفي لـ 5-10 سنوات قادمة، ولا داعي للاقتراض.
11-عدد الفضائيين (وهم المسجلون في قوائم الرواتب من دون مزاولة عمل أو أسماء وهمية يتقاضى رواتبها بعض المسؤولين) يتراوح ما بين 700 ألف شخص إلى مليون شخص في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية. المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية مطلقة الحرية، وغياب شبه كامل للسيطرة الحكومية و هي تدر سنوياً نحو18 مليار دولار أمريكي. يوجد أيضاً ما مقداره 228 مليار دولار مشاريع وهمية خلال المدة 2005-2017. تقدر إيرادات الحدود بحوالي 450 مليار دولار أمريكي، جميعها لم تدخل في حسابات ميزانية الدولة العراقية. هذا علاوة على مشاريع عقود التسلح وعقود السجون … و غيرها.
12-هل تستطيع السلطة التنفيذية أو التشريعية، أو أي من الجهات المختصة، أن تبين الإيرادات المالية من عام 2004 حتى الآن؟
أليس من حق الشعب العراقي أن يعرف الإيرادات الكبيرة للمؤسسات التالية: الهيئة العامة للضرائب، وزارة الاتصالات وشبكات الهاتف النقال، هيئة الاتصالات وشبكات الأنترنت، المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية، المطارات والخطوط الجوية العراقية، أمانة بغداد، دوائر التسجيل العقاري، دوائر المرور، وزارة الكهرباء، وزارة الصحة، البلديات، وزارة الزراعة، وزارة الموارد المائية … وغيرها الكثير؟
13-يتعرض الشعب العراقي اليوم إلى مخاطر جدية و كبيرة تهدد حياته؛ وهي انتشار المثلية و القيم الجندرية، وهناك بعض القوى تساند ذلك وتسعى لتنفيذ مشروع قوى الثالوث العالمي وحلفائهم؛ بهدف إبادة و تفكيك الأسرة و المجتمع العراقي. هذا علاوة على محاولات تفكيك العراق إلى دويلات صغيرة متناحرة ومتصارعة!
هل يدرك الشعب العراقي، وقواه السياسية الوطنية والتقدمية واليسارية والشيوعية والمنظمات الجماهيرية والمهنية والشخصيات الوطنية والتقدمية واليسارية الخطر الذي يواجه شعبنا؛ الخطر الداهم والكارثي وفي جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والمالية والأمنية والعسكرية والخدمية؟
اصحَ ياشعب العراق!
إن ما تم ذكره في الأعلى لا يمثل سوى الشيء اليسير من النهب و الفساد من قبل النخبة المافيوية الأوليغارشية الطفيلية العراقية، التي تشابكت مصالحها مع مصالح القوى الأقليمية، تحت إشراف و علم القوى الإقليمية والدولية.
و إلى ذلك أشار رجل الأعمال الإيراني (فرهاد مشيري) مالك نادي إيفرون الانكليزي، إذ قال:
(أتعجب من سكوت العراقيين على السلطة الحاكمة، وعلى هذا الفساد الذي لم يحدث في التاريخ إلا في هذا الوقت).
اصحَ يا شعب العراق!
إن قادة نظام المحاصصة المقيت يدفعونك إلى المجهول!
إن القرار النهائي في يد الشعب العراقي فقط، فهو حرٌّ في اتخاذ القرار المناسب والصائب. إن تغيير نظام المحاصصة هو الحل الوحيد والجذري لمشكلة الشعب العراقي من أجل الخروج من الأزمة العامة والفساد المالي والإداري، و سيكشف المستقبل القريب مفاجآتٍ كثيرةً حول ذلك.
= = = = =
*الدكتور نجم الدليمي – باحث وأستاذ جامعي متقاعد
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً