بقلم الأستاذ خالد مصطفى*
عاشت مصر لحظات حزبية سعيدة بعد إعلان الرئيس الراحل أنور السادات عن عودة الأحزاب، وكان الحزب الوطنى حينذاك نقلة نوعية، حيث عاد من الباب الكبير وظل سنوات طويلة هو الحزب الحاكم، أو تحديداً الحزب المسنود على الحاكم. توالت للحزب نجاحات عديدة وإخفاقات مختلفة حتى سقط بجميع وحداته الحزبية على مستوى الحمهورية إلى مستنقع الفساد إلا البعض من العناصر الشريفة.
وقد ساهم الحزب فى إفراز مجموعة من الفاسدين ما زال المجتمع المصرى يعانى من جشعهم حتى الآن. إنهار الحزب الوطنى وهوى إلى مزبلة التاريخ أثناء أحداث يناير 2011، فاختفت الحياة الحزبية لفترة ثم انفتح المجال مرة أخرى للأحزاب بحجة فتح الحياة السياسية للجميع، فأصبح هناك حزب فى كل شارع تحت ستار مايسمى حرية الرأى والأحقية فى ممارسة الجميع للحياة السياسية.
أعتقد أن هذه الفترة ذكرتني بواقعة جميلة حصلت فى ليبيا أيام ماكان هناك دولة إسمها ليبيا، إذ تم دعوة الرئيس الراحل معمر القذافى لتسليم الكأس فى نهاية المشوار الكروي الليبى، لم يعجب القذافى أداء الفرقتين فى الملعب فنظر لمعاونيه وقال: “ماهذا العك؟”، هذه ليست مباراة لكرة القدم! وكيف تكون الكرة مقتصرة فقط على هؤلاء اللاعبين؟! علشان ننهض بهذه اللعبة يجب أن يمارس الجميع لعبة كرة القدم! فانتشرت اللعبة فى كل الشوارع لدرجة أن هناك مباريات محلية فى الشوارع كانت تضم لاعبين تخطوا سن السبعين عاماً، وسبب ذلك إنهياراً تاماً للعبة كرة القدم حينذاك! هذه الفترة هى الأشبه بفترة الانفتاح الحزبى فى مصر!
عقب ما يسمى بـ “عورة يناير” زادت الأحزاب فى الشوارع، ولكن اختفت قوة المنافسة، ولم تفرز هذه الفترة عمل حزبى حقيقي قد يساهم فى رفع شأن الحياة السياسية فى البلاد، على الرغم من ميلاد أحزاب عديدة، لكنها تبخرت فى سنوات قليلة، إلى أن تم الإعلان عن حزب جديد اسمه “مستقبل وطن”!
من الطبيعي أن يتسلل للحزب العديد من الجبابرة المتبقية من رفات الحزب الوطنى، وكان لزاماً على “مستقبل وطن” أن يقبلهم، لأن مصر كلها كانت تسعى للإنضمام للحزب الوطني فى فترات تألقه، وكان الحزب أشبه بالسجن أحياناً، وانطبق على العديد من الأعضاء الشرفاء مقولة “ياما فى الحبس مظاليم”! وكان لزاماً على العديد من الأحزاب الجديدة، ومنها “مستقبل وطن”، أن تستفيد من بعض هذه الكفاءات التى مازالت تعمل بجهد متواصل لخدمة البلاد. بدأ “مستقبل وطن” فى تنظيم نفسه، وأصبحت وحداته الحزبية منتشرة فى كل شارع، وفى كل مدينة وكل قرية فى ربوع مصرنا الحبيبة. ساهم ذلك في إفراز مئات الأعضاء، يمثلون الآن الأغلبية النيابية فى مجلسى النواب والشيوخ، على الرغم من الأخطاء العديدة التى أُتهِم بها الحزب بأنه باباً مفتوحاً على مصراعيه فقط لرجال الأعمال، وأن بعض الأمانات فى بعض المراكز ضمت أعضاء كانوا من الخلايا النائمة لجماعة الإخوان الإرهابية دون علم، وحاول هؤلاء تكرار تنفيذ مايسمى بـ “فكرة غسيل الأموال” أو غسيل عقولهم وأفكارهم المتطرفة داخل بعض الأمانات، وأنا كنت واحداً من الذين هاجموا بشدة مثل تلك التوغلات حتى لو كانت بسيطة!
لكن بات واضحاً للجميع أن الكيانات الرئيسية للحزب بدأت تتغير ولفظت كل هذه التدخلات غير المُبينة، حيث اعتمدت قيادة الحزب مؤخراً على مجموعة من الشباب غير الملوث سياسياً، وبدأ هؤلاء الشباب العمل فى صمت وإستطاعوا غربلة الحزب، وخلال فترة بسيطة اختفت خلالها أسماء كبيرة، قد طالها أحاديث واشتباه فى عمليات فساد لم تثبت عليهم حتى الآن. ولكن مجرد ذكر أسمائهم أبعدهم عن دائرة الضوء، وبدأنا نلاحظ تغييراً جذرياً فى العمل الحزبي وهياكله المتعددة بصورة لم تكن معهودة قبل ذلك، حيث أصبح هناك التزام داخل جميع الوحدات الحزبية والأمانات المركزية وقياداتها في جميع المحافظات، وبدأنا نشعر أننا أمام منظومة عمل حزبية لم نعهدها من قبل أو لم نعتاد عليها منذ زمن بعيد.
لقد شد انتباهي هذا التغيير المفاجئ، وهذه التجربة التى سلكت طريقاً مختلفاً للنجاح، فبحثت فى الأمر بعناية فوجدت أن هناك شاباً هو السبب المباشر فى كل هذا التطور، إنه أحمد عبد الجواد الأمين العام ونائب رئيس الحزب. استطاع هذ الشاب بعبقريته وما يملكه من رؤية ثاقبة أن يعيد للحزب رونقه وبريقه ويضعه على قمة الحياة السياسية!
فى مصر، عبدالجواد نموذج شرقاوي مشرف، واستمرار طبيعي لنماذج مشرفة عديدة أنجبتها محافظة الشرقية. وأنا بصفة شخصية أتابع عن كثب النماذج الناجحة فى كل مكان على أرض المحروسة، وأحمد عبدالجواد أصبح واحداً من هؤلاء الذين يملكون مقومات التغيير للأفضل، ويملك كافة مكونات التطوير حتى أصبح ”مستقبل وطن” حلم لكل مواطن مصري وثبتت رؤية السيد الرئيس بأن الشباب هم من يملكون الزمام فى قيادة رحلة العبور للمستقبل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الأستاذ خالد مصطفى – إعلامي وخبير مختص في القضايا الدولية.
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز JSM وإنما تعبّر عن رأي كاتبها حصراً