بقلم الأستاذ كمال زكارنة*
تُشيحون بأنظاركم عما يحدث في الأقصى المبارك! وكأنكم لا ترون شيئاً، وتطأطئون الرؤوس نحو الأرض حتى تمرّ العاصفة ولا يصيبكم منها ضرر، تلوذون بالصمت بانتظار أي نهاية؛ المهم أن تكون نهاية؛ كيف؟ لا يعنيكم! يبدو أنكم غيرتم جلودكم. لا! ليس هذا فقط، ربما بدلتم جيناتكم، و أجريتم عمليات مسح للأدمغة والعقول عند بني صهيون، ولا بدّ أنكم تغيرون دماءكم كل فترة زمنية معينة، لتتناسب مواقفكم مع متطلبات تلك الفترة والمرحلة. ربما تعرّضتم لطفرات جينية حادّة بفعل فاعل،جعلت منكم أصناماً يحركها العدو في الاتجاه الذي يريد!
إن لم يكن الأمر كذلك،فما هو تفسير هذا الصمت المريب؟ إزاء ما يجري في المسجد الأقصى المبارك، المُستباح حالياً من قبل المحتلين، بجميع فئاتهم و أصنافهم و ألوانهم و أصولهم العرقية والدينية والجنسية؟؟
قد يكون الصمت الوجه الآخر للذل والإذلال والخوف، و أحياناً الخيانة، أبلغ بكثير من الكذب والمزايدات الفارغة والهدير الأجوف، والبيانات المكرّرة والتصريحات، الموافق عليها والمجازة مسبقاً من الاحتلال وحاضنته الإدارة الأمريكية. ربما توصّلت الحكومات العربية والإسلامية، إلى قناعة وحقيقة راسخة بأن شعوبها لم تعد تصدّق أو تثق أو تأخذ على محمل الجِدّ أي خطاب أو تصريح أو بيان، يصدر عن تلك الحكومات يتعلق بالقضية الفلسطينية، لأنها كلها مُجترة منذ عشرات السنين،حيث تتغير وتتبدل الحكومات والأنظمة، بينما تبقى الخطابات والبيانات والتصريحات ثابتة كما هي، دون تغيير أوتبديل!
الاحتلال يجد نفسه الوحيد في الساحة، لا يتصدى له إلا حرائر فلسطين ورجالها. لكن ماذا باستطاعة هؤلاء أن يفعلوا أمام جيش مدجّج بالسلاح، مهمته ومهنته وعقيدته ووظيفته قتل الفلسطينيين وتهجيرهم من أرضهم ووطنهم، رغم البطولات التي يبذلونها دفاعاً عن الأقصى، والتضحيات الجسام التي يقدمونها من أجل الأقصى؟؟
يصرخ الفلسطينيون المقدسيون، يناشدون العرب والمسلمين التّدخلَ لحماية الأقصى والمقدساتِ الإسلامية والمسيحية، ولكن لا يسمعهم أحد. ربما لا يعلم المقدسيون أنّ العرب والمسلمين خرجوا من جلود عروبتهم ودياناتهم وعقائدهم. أبشركم أنهم خرجوا منها منذ زمن بعيد،واستبدلوها بجلود أخرى، لا تشبه جلودكم العربية الإسلامية.
لا تصرخوا ولا تناشدوا أحداً،حتى لا تذهب طاقتكم هدراً، هذا قدركم الذي اختاره الله لكم، أيها الجبارون يا أولي البأس الشديد، المباركون أنتم و أرضكم،لكم الله و أنتم فقط، ظهوركم مكشوفة لا يسندها أحد!
= = = = =
*الأستاذ كمال زكارنة – كاتب صحفي ومحلل سياسي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً