بقلم الأستاذ كمال زكارنة*
ما يجري في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، المخيم الأكبر في لبنان، ليس بريئاً ولا تنافساً تنظيمياً ولا اقتتالاً فلسطينياً داخلياً، بل هو مخطّط خطير يندرج في إطار تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين بالتّزامن مع تقليص خدمات الأونروا في مخيمات اللجوء تمهيداً لوقف هذه الخدمات كليّاً، وشطب قضية اللاجئين التي تمثّل نقطة ارتكاز القضية الفلسطينية.
الهدف من الدفع بكلّ هذه الأعداد من الجماعات التي تحمل عشرات الأسماء، وتتبنّى عشرات الأفكار، وتلتقي جميعها على اسم الإسلام الذي هو منها براء؛ إثارة الفوضى في المخيمات الفلسطينية، وتحويلها من مخيمات لجوء إلى بؤر للقتل والإرهاب والتّمرد والخروج على القوانين المدنيّة والاجتماعية وأماكن للرّعب، و أن تدبّ فيها الفوضى بحيث تصبح المخيمات خارجةً عن السيطرة وغير منضبطة؛ لأنّ مخيم عين الحلوة هو البداية، و إذا نجح المخطط فيه، سوف ينتقل إلى المية و مية، وباقي المخيمات الفلسطينية في لبنان، وهذا يعني فتح المجال لدخول المزيد من تلك الجماعات إلى المخيمات، و إعطاء المبررات لتدخلات أخرى في المخيمات التي عملياً سوف تصبح في قبضة الإرهاب إذا نجح المخطط، مما يؤدي في النهاية إلى فرار اللاجئين منها وتشتّتهم في أماكن أخرى، وبالتالي فقدان أهم عنوان للقضية الفلسطينية وهو اللجوء، وتفريغ مخزن القضية من الذخيرة الحيّة وهم اللاجئون.
المعركة الدائرة الآن في مخيم عين الحلوة، واضحة ومكشوفة الأهداف، فهي تحتدم بين أصحاب مخطط تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين و أدواتهم، وبين من يستميتون دفاعاً عن هذه القضية والإبقاء عليها عنواناً رئيسياً للقضية الفلسطينية.
لا يمكن أن تكون المخيمات الفلسطينية ملاذاً للإرهابيين ومقرّاً لهم ومنطلقاً لأعمالهم الإرهابية، لأنّ اللاجئين جميعاً، أطفالاً ونساءً وشيوخاً ورجالاً سيدفعون الثمن غالياً، وقبل كل شيء قضية اللاجئين سوف تصبح في قبضة أناس لا يقيمون وزناً لشيء، مما يجعلها تفقد التعاطف والتأييد الدولي.
والأمر الخطير الآخر، إن حدث، أنه في حال استمرت الفوضى في المخيمات الفلسطينية في لبنان، قد يطالب لبنان بنقل اللاجئين الفلسطينيين من أراضيه إلى أي مكان آخر.
حماية أمن وسلامة و استقرار المخيمات الفلسطينية في لبنان، والحفاظ على السلم الأهلي فيها، أولاً مسؤولية الدولة اللبنانية، وثانياً مسؤولية الفصائل الفلسطينية كافة، و لا مكان للمتفرجين عن بعد، لأن الخسائر سوف تكون كبيرة جداً، سياسياً وبشرياً، وعلى صعيد القضية الأم.
= = = = =
*الأستاذ كمال زكارنة – كاتب صحفي ومحلل سياسي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً