بقلم الدكتور آصف ملحم*
انطلقت في الخامس من يونيو الجاري فعاليات منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي السابعِ والعشرين SPIEF-24. يعدُّ هذا المنتدى حدثاً فريداً في عالم الاقتصاد والأعمال. يعقد منتدى سانت بطرسبرغ منذ عام 1997، ومنذ عام 2006 يقام تحت رعاية ومشاركة الرئيس الروسي.
على مدى السنوات الماضية، أصبح المنتدى منصة رائدة للتواصل بين الرؤساء ورؤساء الحكومات والوزراء ومدراء كبرى الشركات والمفكرين وقادة الرأي في روسيا وخارجها؛ حيث تُدرس وتُناقش أهم التحديات الراهنة.
تمحورت الحوارات والحلقات النقاشية في هذه الدورة حو المواضيع التالية:
الاستثمارات، النظام المصرفي والاستقرار المالي، قطاع النفط والغاز، اللوجستيات وتطوير شبكات المواصلات البرية والمائية والجوية، تطوير المدن والتخطيط الحضري واستثمار الأرض، تكنولوجيا الطائرات، التكنولوجيا الزراعية والحيوية، الأمن الحيوي، الذكاء الصنعي والرقمنة والتحول الرقمي، التكنولوجيا المتقدمة، السيادة التكنولوجية، الدبلوماسية العلمية، حماية البيئة، الصناعات الدوائية والصحة، التعليم والفن والثقافة والرياضة والسياحة.
ونظراً لتوسيع مجموعة بريكس لتضمّ ثلاث دول عربية، وهي جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فلقد لقيت الحوارات المرتبطة بأداء مجموعة بريكس والحوارات بين بعض مناطق الاتحاد الروسي والدول العربية اهتماماً مميزاً.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، أجرى وفد جمهورية إنغوشيا برئاسة السيد محمود علي كاليماتوف مفاوضات تجارية مع وفود جمهورية مصر العربية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين. وكانت نتائج هذه المفاوضات مثمرة، فلقد تم توقيع اتفاقية لتطوير التعاون في قطاع النقل بين مصر وجمهورية إنغوشيا. جميعنا يعلم عمق العلاقات المصرية-الروسية، فهي تعود إلى الحقبة السوفيتية؛ فمصر بثقلها العربي والإفريقي يمكنها أن تكون بوابة روسيا إلى إفريقيا والعالم العربي. فضلاً عن ذلك، هنالك الكثير من المشاريع المشتركة بين الجانبين، كمحطة الضبعة النووية والمدينة الصناعية في السويس، التي ستتحول إلى حاضنة تكنولوجية حقيقية تؤدي إلى إمداد الدول الإفريقية والعربية بالتكنولوجيات المتقدمة، وتقديم الخدمات الهندسية المختلفة. لذلك فإننا نعتقد أن حرص السلطات المصرية على المشاركة في هذا المنتدى، وغيره من النشاطات، سيكون له أثراً إيجابياً بالغاً للدفع بمشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مصر وروسيا على حد سواء.
ولقد أبدت الإمارات العربية المتحدة اهتماماً كبيراً بتطوير التعاون مع إنغوشيا في مجال البنية التحتية والطاقة، هذا إضافة إلى تحسين نوعية حياة المسلمين والنمو الاقتصادي المستدام في منطقة القفقاز.
تاريخياً، كانت منطقة القفقاز صلة الوصل بين العالم العربي والعالم الروسي، لذلك فإن دخول رأس المال العربي إلى هذه المنطقة سيساهم مساهمة كبيرة في تطويرها من جهة، وتعزيز أواصر الصداقة بين روسيا والدول العربية من جهة أخرى؛ خاصة أن العلاقات العربية-الروسية بدأت تتطور بشكل مطّرد في السنوات الأخيرة.
وفي هذا السياق، فإننا نعتقد أن إنغوشيا يمكنها أن تلعب دوراً رائداً نظراً لطبيعتها السياحية وتاريخها الغني والهام وشعبها الطيب الرائع. لذلك فإن تطوير البنى التحتية السياحية سيحولها إلى مركز لاستقطاب السياح العرب، خاصة في أشهر الصيف الحار.
فضلاً عن ذلك، فإن إنغوشيا أبدت، وتبدي، اهتماماً كبيراً بالقضايا العربية عموماً، والقضية الفلسطينية خصوصاً؛ فلقد أرسلت في الأشهر الماضية عدة طائرات محملة بالمواد الإغاثية والطبية والغذائية إلى مصر، كمعونات للمحتاجين في قطاع غزة في ظروف الحرب الدائرة هناك.
بناءً على ما تقدّم، نتوجّه إلى الشعوب الروسية عموماً، والشعب الإنغوشي خصوصاً، بخالص الشكر والامتنان، ونتمنى أن تنعكس المشاريع المشتركة بين الدول العربية وجميع المناطق الروسية، التي تم الاتفاق عليها في منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي السابع والعشرين، بالخير على الجميع، وأن تؤدي إلى تعزيز وتعميق الصداقة والتعاون بين روسيا وجميع الدول العربية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الدكتور آصف ملحم – مدير مركز جي إس إم للأبحاث و الدراسات (موسكو).
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً