بقلم عباس الزيدي*
وافقت تركيا على انضمام السويد إلى الناتو بعد فرض شروطها التي من أهمها ترحيل أو تحجيم نشاط أعضاء حزب العمال وجناحه المسلح (PKK) على أراضيها.
وقد حضرت تركيا قمة لتوانيا للناتو بصفتها رئيسة الدورة أو الأمانة العامة.
والناتو اليوم متورّط إلى حدّ النخاع في حرب أوكرانيا ضدّ روسيا.
والذي عقّد الموقف بين تركيا وروسيا مؤخّراً؛ تسليم تركيا لأعضاء من كتيبة آزوف النازيّة إلى زيلينسكي في زيارته الأخيرة الى أنقرة.
تركيا الآن بين مفترق طرق وقد حصلت على حوافزَ ومغرياتٍ كثيرة؛ منها إعادة النّظر في انضمامها إلى الاتّحاد الأوربي الذي قوبل بالرّفض سابقاً.
وهذا الانضمام يتقاطع بالكامل مع مصالحها في مشروع الحزام والطريق الصيني؛ حيث ستخسر الكثير من المنافع والمكاسب فيما لو انضمّت إلى الاتّحاد الأوربي بواقع التعهدات والالتزامات بما فيها لوائح وضوابط السوق الأوربيّة المشتركة التي تُفقد تركيا الكثير من الأرباح المتوقعة من مشروع الصين باعتبار تركيا الحلقة الرئيسة والأخيرة لنفاذ الطاقة والسلع إلى أوروبا.
سوف تحصل تركيا على العديد من المغريات لغرض استمالتها وتموضعها بالضد من روسيا وتبديل موقفها المحايد من الحرب في أوكرانيا رغم وجودها كعضو في الناتو.
روسيا بدورها أعلنت عن امتعاضها من الموقف التركي ولديها ملفات مشتركة وشائكة مع أنقرة في كل من دول وسط آسيا وسوريا وتشترك روسيا في تلك الملفات مع إيران الجارة لتركيا والتي تربطها معها مصالح كبيرة
ومعروف الآن حجم التحالف الاستراتيجي ما بين روسيا والصين وإيران.
على المعسكر الشرقي تقديم مغريات أكثر وأكبر لتركيا لفرض انسلاخها من المعسكر الغربي ومن أهم تلك المغريات:
تقديم طلبات من قبل روسيا والصين بزيادة أعضاء مجلس الأمن الحالي من خمسة أعضاء إلى أكثر من بينها تركيا وإيران (لغرض حفظ التوازن) وبتلك الخطوة يضمن المعسكر الشرقي انسلاخ تركيا من المعسكر الغربي بل وخروجها من الناتو وبالتالي تصدع الناتو.
وستصبح تركيا مرغمة على الدخول في تحالفات دفاعية ومن أهمها التحالف الرباعي الذي يضم كلاً من سوريا والعراق وإيران وتركيا والذي تحرص من خلاله على تسوية الملف الكردي في المنطقة والمدعوم من قبل كل من الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل ومصر ودول الخليج.
ناهيك عن تصحيح مسارات سياساتها تجاه العراق وسوريا.
الأيام القادمة ستكشف حجم الرّد الروسي في سوريا كردّة فعل على الخطوة التركية الأخيرة•
وسيشهد كلٌ من العراق وسوريا تصعيداً ملحوظا لعمليات إرهابية لداعش, وسوف تسمح أمريكا لتمدّد أكثر لتركيا في سوريا لغرض توسيع محيطها القاري على الأبيض المتوسط وهو من أهم الأهداف والمطامع التي تعمل عليها تركيا في سوريا.
= = = = =
*الأستاذ عباس الزيدي – باحث سياسي و خبير إستراتيجي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً