بقلم الأستاذ عباس الزيدي*
أولاً-وضعت الولايات المتحدة خطّتها ضمن سياق الحرب العالمية الثالثة، كما هو الأمر في استعدادات المحيط الهادي والأطلسي والهندي والبلطيق وساحل أفريقيا وما يحصل في أوكرانيا.
أعطت الولايات المتحدة اهتماما خاصاً لمنطقة غرب آسيا (الشرق الأوسط) بالقدر الذي لا تخرج فيه الأوضاع عن السيطرة؛ فيحترق خزان النفط والغاز الكبير الذي هو موضع اهتمام في حالة الحرب والسلم. كما أخذت بعين الاعتبار مايلي:
1-عدم الاصطدام المباشر (معركة مباشرة).
2-تجنّب أكبر قدر من الخسائر وتقليل الكلفة المادية والبشرية لها، واستخدام طريقتها المعهودة في إثارة الفتن والعبث في الداخل وتشغيل وكلائها.
3-استخدام أبشع وسائل الضغط والابتزاز القذرة و أنواع العقوبات عبر المظلات الدولية.
4-دفع من سار في ركبها من الدول والأنظمة لإنجاح مشروعها رغم التقاطعات مع بعضها البعض، كما هو الحال بين السعودية وتركيا وقطر ومصر.
5-الدخول في معاهدات عسكرية وأمنية، مثل ما حصل في بعض دول المحيط الهادي (أوكوس) ومنطقة الخليج، مع انخراط اسرائيل، بالإضافة الى حلف الأطلسي.
6-عدم الدخول في معركة واحدة في ساحات متعددة.
7-تحييد الملفات وتفكيكها تباعاً.
ثانياً-في الإطار العام للحرب العالمية الثالثة
1-تحاول إغلاق المحيط الهادي ومحاصرة كل من الصين وروسيا عبر التسليح النووي بينها وبين كوريا الجنوبية و اليابان و إغلاق بحر الصين ومواجهة روسيا هناك.
2-النفاذ إلى البلطيق بصورة أكبر و زج بولندا في المعركة.
3-دعم بريطانيا في الأطلسي ونشر أساطيلها لتقود الأخيرة عمليات قطع طرق الإمدادات، لتكون بمثابة خط الهجوم الثاني والظهير لعموم أوروبا وخط المواجهة الأول مع الصين في حال تدخلها، و هذا مستبعد.
4-إدامة الاتصال في المحيط الهندي وتأمين الخليج والسيطرة على البحر الأحمر والعقد المهمة للمضائق والخلجان. والتركيز على انسيابية القطع البحرية الاسرائيلية، وبالتالي السيطرة على البحر الأبيض المتوسط، وقطع الدعم والامداد عن القوات الروسية (البرية والبحرية) في سوريا وليبيا وجيبوتي. تصبح القوات لاحقاً بحكم الأسيرة ومحدودة القدرة. عما قريب سوف تغلق البحر الأسود في وجه روسيا عن طريق تركيا (مضيقي الدردنيل و البوسفور).
قريباً سوف يحصل الهجوم المضاد الذي يتركز على جزيرة القرم على غرار هجوم النورماندي الذي حصل في الحرب العالمية الثانية والذي كان مفتاح تحرير أوروبا.
5-ستقع المهام في غرب آسيا على عاتق القيادة المركزية الوسطى الأمريكية التي تمتد مهامها تقريبا من مصر إلى باكستان.
ثالثاً-الأولويات الأمريكية في الشرق الأوسط
البطاقة الأولى-سورية
عبر الوكلاء والعملاء والتنظيمات الإرهابية ستعمل على محاصرة النظام وإغلاق الحدود العراقية واللبنانية في المرحلة الأولى. ومن ثم زحف وكلائها إلى العاصمة دمشق، محاولةً بذلك تجنب الإصطدام قدر المستطاع مع القوات الروسية والإيرانية. وسيحصل تعاون كبير بين واشنطن وتركيا التي تهدف إلى توسيع محيطها القاري في البحر الأبيض المتوسط. و أيضا من المغريات التي ستحصل عليها تركيا لاحقاً سيكون لها تمدد فيما بعد على الأراضي العراقية يفوق ماهو عليه الآن.
البطاقة الثانية-لبنان
حيث سيكون هناك عدوان أمريكي-إسرائيلي مشترك على لبنان بعد سورية وبدعم خليجي (سعودي – إماراتي) منقطع النظير.
البطاقة الثالثة-اليمن
ستستمر الهدنة الهشّة ويبقى الحال على ماهو عليه من فتن وتشرذم في المواقف وحرب استنزاف على أنصار الله حتى يتم الانتهاء من صفحتي سورية ولبنان. و ستتدخل أمريكا ومن سار في ركبها مباشرةً في اليمن لصالح قوى العدوان وخصوصاً السعودية التي دخلت في صفقة واضحة مع المعسكر االغربي.
البطاقة الرابعة-العراق
وهي الورقة التي تتعامل معها واشنطن بتروٍّ، مستخدمة أوراق الضغط والابتزاز والمساومات في سقف زمني أقصاه ثلاث سنوات، مليئة بالفتن وتعطيل الخدمات وأزمات خانقة، مع اندراج جميع الفصائل في الحكومة وسحب أسلحتها. يتخللها نشاط داعشي و آخر انفصالي، ومن ثم هجوم إرهابي واسع النطاق من سورية مدعوم أمريكياً.
بعد حسم الملفات الثلاث، أي سورية ولبنان واليمن، واستتباب الأمر لصالح الولايات المتحدة، ستقوم بتنفيذ سياسة احتلالية جديدة وانقلاب على العملية السياسية ورموزها الحالية، وسيكون هناك زحف تركي وخليجي واسع النطاق على الأراضي العراقية لتنفذ مشروعها التقسيمي والتدميري (الديانة الابراهيمية) في المنطقة والعالم.
البطاقة الخامسة-إيران
من خلال انتشار القطعات البحرية الأمريكية في الخليج وقواعدها في المنطقة ستكتفي الولايات المتحدة بالرّد والاعتراض وقطع المواصلات والتواصل كي لا تتدخل إيران في الملفات السابقة. ستركز واشنطن جهدها على دعم التمرد في الداخل الإيراني. لن تجرؤ أمريكا في الوقت الحالي على الهجوم المباشر على إيران لأن ذلك يعني احتراق سواحل الخليج والمنطقة.
رابعاً-الموقف العالمي
1-الصين: أعتقد جازماً بعدم قيام الصين بأي ردة فعل تجاه ما سيحصل، وستكتفي بالموقف السياسي دون أي تحركات عسكرية ملحوظة.
2-بريطانيا: ستراقب بحذر، منتظرةً ماستؤول إليه الأوضاع لاقتناص الفرصة، محاولةً إحياء إمبراطوريتها التي لاتغيب عنها الشمس؛ كما انتظرت أمريكا سابقاً أحداث مابعد الحرب العالمية الثانية لتتصدر النظام العالمي فيما بعد.
3-الهند و أـمريكا اللاتينية: موقف الهند غير واضح، إلا أنها مرتبطة بسياق نووي مع أمريكا. أما دول أمريكا اللاتينية، فسيكون موقفها حسب انحيازها لكل من المعسكرين الغربي والشرقي، و أولى الإشارات هو الاختلاف و انفراط عقد (البريكس).
خامساً-من الطبيعي أن تكون هناك ردود أفعال كثيرة، و مواقف دفاعية تتسم بالصلابة والخشونة، ترتقي إلى مستوى المعارك الحربية، و مواقف سياسية و أزمات اقتصادية حاولنا عدم ذكرها.
لكل ماتقدم مقدمات و أسباب، فهل سيحصل هذا السيناريو في قادم الأيام؟!
انتظروا … إني معكم مِن المنتظرين!
= = = = =
*الأستاذ عباس الزيدي – باحث سياسي وخبير استراتيجي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً