إعداد الأستاذ علي ابراهيم*
حلَّ مساءَ يوم الأحد، 11 آب، في الجزائر، الوزير الأوّل و وزير الاقتصاد والماليَّة لجمهوريّة النّيجر السيّد محمد لمين زين، في زيارة رسميّة للجزائر على رأس وفد وزاري رفيع المستوى، حسب ما أفاد به بيان لمصالح الوزير الأوّل.
تحمل زيارة الوفد النيجري إلى الجزائر رغبة ثنائيّة في كسر الجُمود الذي طبع العلاقات الثنائيّة في الفترة الماضية، وتأتي هذه الزّيارة في سياق متوتّر تشهده منطقة السّاحل، ولا سيما بعد بروز تحالف مناوئ للقوى التقليدية في المنطقة ومنفتح على روسيا.
وجاءت الزّيارة في أعقاب زيارة مماثلة لها أدّاها منذ أيام قليلة وزير الطّاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب إلى النّيجر.
سنبحث في هذا التقرير أهميّة هذه الزّيارة من الناحية السّياسية والاقتصادية والأمنيّة، وما هو تأثيرها على العلاقة بين الدولتين من جهة، والنتائج الّتي حققّتها هذه الزّيارة من جهة أخرى.
أکّد الدّكتور أحمد الحيدوسي وهو أستاذ جامعي في الاقتصاد، في تصريح خاص لمركز JSM: “أعتقد أنَّ زيارة الوزير الأوَّل وزير الاقتصاد والماليّة لدولة النّيجر إلى الجزائر محمد علي لمين زين تحمل أهميّة كبيرة سياسية وأمنيّة وا قتصادية”.
وتابع الدّكتور أحمد الحيدوسي قائلاً: “فمن النّاحية السّياسيّة تأتي هذه الزيارة بعد تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والنيجر، ولاسيما أنّه يوجد بين الدولتين علاقات تاريخيّة مهمّة و عميقة، إلّا أنّها عرفت نوعاً من الفتور في السّنوات الأخيرة وخاصّةً بعد الأحداث الأمنيّة والسياسية التي وقعت في النيجر في يوليو 2013، و لطالما كانت الجزائر تلعب دائماً دوراً مهماً في تهدئة الأوضاع في دول السّاحل وفي المنطقة، وخاصّةً في ظلِّ الظُّروف الدُّولية الرَّاهنة والعقوبات الّتي فرضتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإكواس) على النيجر، بعد الانقلاب الّذي وقع، وتأتي هذه الزيارة لتعزيز العلاقات السياسية بين الدَّولتين”.
وأضاف الدكتور الحيدوسي: “وكذلك من النّاحية الاقتصاديّة، تأتي هذه الزّيارة لتسليط الضوء على مجالات التّعاون الاقتصادي بين الدّولتين، وخصوصاً في مجال الطّاقة، فالجزائر تستهدف محور العلاقات الاقتصادية بين الدّولتين خاصةً في مجالات الطاقة، وخصوصاً بعد استئناف أنشطة استكشاف النفط والغاز في منطقة (الكفر الشمالي) في النيجر، كما تمّ التّركيز على مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء والّذي يربط بين النيجر والجزائر، ويعد هذا المشروع من أهمِّ المشاريع الاستراتيجيّة لكلتا الدولتين”.
كما أوضح الدكتور الحيدوسي أيضاً أنّ من أهداف الزيارة: “تعزيز أمن الطّاقة في المنطقة، وزيادة المداخل والعائدات الاقتصادية لكلِّ دول المنطقة التي يمرّ فيها هذا الأنبوب”.
أمّا من النّاحية الأمنية، فقد بيّن الدّكتور الحيدوسي في تصريحه الخاص لمركزنا: “أنّ المجال الأمني لا يقلّ أهميّة؛ حيث تأتي هذه الزيارة من أجل تعزيز علاقات أمنيّة بين الدّولتين، خاصةً بعد الانفلات الأمنيِّ الّذي وقع في منطقة الساحل، ولطالما كانت الجزائر تلعب دوراً مهمّاً من أجل المحافظة على الأمن في المنطقة؛ إذ تربط الجزائر حدود جغرافيّة تمتدّ على مئات الكيلومترات بين الدّولتين؛ لذلك تعزيز الجانب الأمنيِّ والتنسيق الأمنيِّ ضروريٌّ لحماية المنطقة ككُلّ وحماية شعبي البلدين”.
وختم الدّكتور أحمد الحيدوسي حديثه قائلاً: “في نفس السِّياق من النّاحية الأمنيّة والاجتماعية، فالجزائر لديها مقاربة للحدّ من انتشار الجماعات الإرهابيّة من خلال التّنمية الاقتصادية والاجتماعيِّة في المنطقة. لذلك خصَّصت صندوقاً مهمّاً لدعم دول السّاحل في المجال الصّحي والبنية التحتيّة، وتقوم بذلك في شمال النيجر؛ من خلال إنشاء بنى تحتيّة في مجال الصّحة، سواء مستوصفات أو مستشفيات أو توفير وإيصال الكهرباء، إلى بعض المناطق والقرى في شمال النيجر، وهذا يدخل في إطار المقاربة الاقتصاديّة للمعالجة الأمنيّة”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الأستاذ علي ابراهيم – كاتب و مراسل صحفي