بقلم الدكتور نجم الدليمي*
المطلب السابع – قال الأصدقاء
اكتسب الاتحاد السوفيتي أهمية تاريخية كبيرة في تأسيسه وخاصة في الفترة 1917-1991؛ فبالاتحاد السوفيتي اهتم الأصدقاء والأعداء نظراً لأهميته وأهمية إنجازاته في كافة المجالات ودوره التاريخي في العصر الحديث.
أثارت هذه الانجازات الكثيرة حقداً كبيراً ضد الشعب السوفيتي والاتحاد السوفيتي؛ فوجدوا فيه خصمهم الأول في المجالات كافة. لذلك لم يتوقفوا عن التآمر ضدّه بكل الوسائل المتاحة. أما الأصدقاء فكانوا مؤيدين لكل الإنجازات التي حققها الاتحاد السوفيتي وفي المجالات كافة .
كان الاتحاد السوفيتي أول دولة وسلطة من طراز جديد؛ فلقد كان دولة اشتراكية، دولة العمال والفلاحين. كان الاتحاد السوفيتي أول بلد يغزو الفضاء، وكان نصيراً صادقاً وداعماً لحركات التحرر الوطني في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية. كما حقق الاتحاد السوفيتي الانتصار على قوى الثورة المضادة في الفترة 1918-1922، وحقق الانتصار على النازية الألمانية في الحرب الوطنية العظمى 1945. كما طبّق الاتحاد السوفيتي نظام التعددية القطبية و خلق توازناً متيناً مع المعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في الفترة 1946-1991.علاوة على ذلك كله، حقق الاتحاد السوفيتي انجازات اقتصادية واجتماعية وثقافية وعسكرية خلال فترة قياسية من الزمن، بالرغم من الحروب غير العادلة التي شُنّت ضده. لقد تحوّل الاتحاد السوفيتي إلى مركزٍ عالميٍ في ميادين العلوم و التعليم و الثقافة و الصحة، والعديد من المنظمات الدولية اعترفت بذلك. كما احتل الاتحاد السوفيتي المركز الأول في حجم الانتاج الصناعي في أوروبا والثاني عالمياً. كان الاتحاد السوفيتي أول بلد يضمن حق العمل دستورياً للمواطن ومجانية التعليم و العلاج و السكن و العدالة الاجتماعية للمواطنين دون تمييز.
تطورت مساهمة المعسكر الاشتراكي في الناتج الصناعي العالمي من 10% في عام 1937 إلى 36% في عام 1960، ثم أصبحت أكثر من %40 في عام 1984 [1].
قالوا عن الاتحاد السوفيتي
1-قال أحمد سكوتوري: (لا توجد إلا اشتراكية واحدة، هي الاشتراكية العلمية، و يستحيل وجود اشتراكية خاصة سواء كانت أفريقية أو عربية أو غربية؛ فالاشتراكية لا قومية لها، ولا يمكن أن تنتمي إلى بلد واحد) [2].
2-أشار محمد سعيد معزوزي، عضو المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني في الجزائر في كلمته في المؤتمر الـ 26 للحزب الشيوعي السوفيتي، قائلاً: (لقد أصبحت ثورة أكتوبر حليفاً استراتيجياً للحركة التحررية للشعوب المناضلة في سبيل الاستقلال والتحرر) [3].
3- قال سامور ماشيل، رئيس جمهورية موزمبيق الشعبية: (أخفى المستعمرون أنباء الثورة الروسية، سعياً منهم إلى منع انتشار أفكار أكتوبر العظيم بين الطبقات الكادحة؛ لأنهم كانوا يخشَون على مواقعهم) [4].
4-قال شيشتير بولز، وهو شخصية حكومية بارزة في الولايات المتحدة الأمريكية: (لم يكن أحد يشك في تفوق أمريكا صناعياً وعسكرياً وعلمياً قبل المكوك الفضائي السوفيتي الأول، ولكن ها هو المكوك يظهر فجأة ويحلق حول الأرض! بعد ذلك، تساءل الملايين من الناس في دواخلهم: أليس بمقدور الشيوعية أن تحرز النصر في آخر المطاف) [5].
5-قال الكاتب الأمريكي تيودور درا يزر: (إن تحديد عدد ساعات العمل بأربعين ساعة في الأسبوع وتطبيق الحد الأدنى من الأجور والإعانات الحكومية للعاطلين عن العمل، وغيرها من الإصلاحات التي تمت لصالح الكادحين في الولايات المتحدة، لم تكن لتتم إلا تحت تأثير السلطة السوفيتية. لقد كانت ثورة أكتوبر (المذنب) في كل ذلك، و من أجل هذا أشكر ماركس و روسيا الحمراء) [6].
6-كتب الصحفي الأمريكي ألبرت ريسي، الذي كان شاهداً حياً على أحداث أكتوبر: (إن السمات الأساسية التي تميّز المثقفين البلاشفة هي الإيمان الذي لا ينضب بالشعب، وأن تحرر الطبقة العاملة لا يمكن أن يتم إلا من خلال الطبقة العاملة نفسها، وليس بتطبيق مخطط ما في مخيلة شخص ما) [7].
بالطبع، نختلف مع وجهة نظر الكاتب قليلاً؛ لأنه يوجد حزب ثوري للطبقة العاملة وحلفائها، يستند في عمله ونشاطه على نظرية ثورية، وهي النظرية الماركسية-اللينينية، التي تشكل إيديولوجيا الطبقة العاملة وحلفائها. بدون وجود حزب ثوري يقوم بتنظيم وتعبئة الطبقة العاملة وحلفائها تنظيماً ثورياً، قولاً وفعلاً، وبقيادة ثورية مخلصة و حاسمة و صريحة، كأمثال لينين وستالين و رفاقهما المخلصين، الذين أطاحوا بالنظام القيصري المتخلف بثورة شعبية، لا يمكن بلوغ الأهداف المرجوة.
7-بيتر موريس وورسلي، وهو عالم اجتماع و أنثروبولوجي بريطاني، وكان من خصوم الشيوعية العلمية، اعترف بأن (الشيوعية قوة مادية في العالم المستعمر) [8].
8-برناردشو، الكاتب الانكليزي المشهور، قال بعد زيارته للاتحاد السوفيتي: (يبين الحل الروسي لمسألة الديمقراطية أن روسيا السوفيتية قد سبقت العالم الرأسمالي لمائة عام على أقل تقدير) [9].
9-أشار الكاتب الألماني هنريخ مان في عام 1973 إلى أن الاشتراكية انتصرت في أكبر بلد على الكرة الأرضية وأثبتت قوتها الحيوية، ومن الآن فصاعداً لا يوجد في تاريخ البشرية غير طريق واحد للتقدم، وهو الطريق الوحيد أمام البشرية، وهو الاشتراكية؛ التي تمثل نهاية التاريخ البشري. فالاشتراكية تحقق مجتمع العدالة الاجتماعية و الاستقرار و السلام لجميع الشعوب وتنهي كل أشكال استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وهذه هي الحتمية التاريخية في تطور المجتمع البشري، و هذا ما أكد عليه ماركس. وبهذا الخصوص يشير البروفسور المجري توماس سانتوس إلى أن الرأسمالية كانت نتيجة مرحلة هامة من التطور التاريخي، و نشوءها مثل انحطاطها وسقوطها لن يكون مصادفة تاريخية، بل ضرورة موضوعية ناجمة من المتجه العام للتطور الاقتصادي و الاجتماعي للمجتمع البشري.
10-كتب السوسيولوجي الجنوب-أفريقي جونس بوحيٍ من انتصار العمال الروس في مقالته الشهيرة (الفجر يطل على العالم) ما يلي: (تولد على مرأى العين أسرة الكادحين العالمية، وهذا ما يجب أن يملأ قلوب المضطهدين سروراً في جميع البلدان، فالشعب الروسي يهلل حماساً لذلك. تجابهنا في جنوب أفريقيا مهمة كبيرة وهي تربية شعبنا بروح ومبادئ الثورة الروسية؛ إذ ينبغي لنا أن نعمل على تعزيز موقفهم برفض أية محاولة لتجنيدهم في صراعٍ ضد رفاقهم الروس، وأن نشعل لهيب أمجاد الثورات في سياق هذا الصراع في جميع الأزمنة وأكثرها اتّساماً بالطابع السلمي) [10].
= = = = =
*الدكتور نجم الدليمي – باحث وأستاذ جامعي متقاعد.
الهوامش و المراجع
1- الاتحاد السوفيتي بالأرقام، موسكو، السنة 1984، ص 64، باللغة الروسية.
2-مجموعة من المؤلفين السوفييت، ثورة أكتوبر وأفريقيا، موسكو، دار التقدم، ص 96.
3-المصدر السابق، ص 90.
4-المصدر السابق، ص 87-88.
5-موجز عن تاريخ المجتمع السوفيتي، موسكو، دار التقدم، السنة 1973، ص 462.
6-تاريخ ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى موسكو، دار التقدم، السنة 1977، ص 491.
7-مصدر سابق، موجز تاريخ المجتمع السوفيتي، ص 6.
8-مصدر سابق، مجموعة من المؤلفين السوفييت، ص 86.
9-بوريس بونوماريوف، الاشتراكية الفعلية وأهميتها العالمية، موسكو، دار التقدم، السنة 1977، ص 479.
10-مصدر سابق، مجموعة من المؤلفين السوفييت، ص 87.
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً.