بقلم الأستاذ عباس الزيدي*
أولاً-رئيسي على لائحة الاغتيال
لانريد أن نستبق الأحداث أو نُتّهم باعتناق نظرية المؤامرة، ولكن هناك مؤشرات خطيرة تشير إلى أن سقوط الطائرة هو عملية اغتيال أقرب مما هو إلى حادث عرضي، نتيجة خلل فني أو لسوء الأحوال الجوية، ونحن أصحاب الدليل ومنها مايلي:
آ-الطائرة رئاسية VIP وهي لا يمكن أن تقلع مالم يتم بتزويدها بتقارير عن الأحوال الجوية المسبقة، وهي مزودة بأفضل أجهزة الملاحة و الاتصال. ومما أكدته التقارير الروسية أن الطائرة متينة، وطيلة 30 عاماً شهدت ما يقارب 12 عطلاً فقط، وتجري عليها عمليات الصيانة الدورية.
ب-الأحوال الجوية ساءت بعد هبوط الطائرة، علماً بأنّ إجمالي مسافة الطيران حوالي 500 كم، وهي قليلة لا تتجاوز ثلاث الساعات.
ج-إصرار الجانب الأذربيجاني على حضور الرئيس الإيراني، والجميع يعلم مستوى العلاقة بين أذربيجان وأمريكا والكيان الصهيوني.
د-بعد اغتيال أمريكا للشهيدين الجنرال سليماني والحاج المهندس كان رد إيران واضحاً من خلال إسقاط طائرة أمريكية في أفغانستان وعلى متنها أحد كبار ضباط الاستخبارات الأمريكية، المتورط في عملية اغتيال الشهداء القادة في مطار بغداد، وربما اليوم جاء الرد الأمريكي على تلك العملية.
ه-يثير قطع بايدن لإجازته الأسبوعية بعد سماعه الخبر الشكوك. ولا ننسى أن سجل المخابرات الأمريكية الإجرامي حافل بمثل تلك العمليات.
و-ماكشفت عنه العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف قبل أشهر من توقعات صادمة وحزن على مسؤول ايراني مرموق. هذا أحد أساليب أجهزة المخابرات، التي تضع مقدماتٍ ورسائلَ تحذيرية، وفي ذات الوقت مخفف صدمات، والأهم كوابح لتجنب ردود الأفعال العنيفة المتوقعة، تسبق كل عملية قذرة. هذه الشخصيات (ليلى و أمثالها) محدودة جداً، متعاونة مع الاستخبارات الدولية، كل بحسبه، وهي لا تحصل على معلومات كاملة بل تسريبات مبهمة تقوم بالترويج لها.
ز-ربما اقتربت المواجهة الأمريكية-الروسية، وتجري تصفية ساحة الحلفاء، حيث فشلت مؤخراً عملية روسية لتصفية الرئيس الأوكراني زيلينسكي، وماحصل هو رد أمريكي مقابل.
ح-الدور المحوري الذي تلعبه جمهورية إيران الإسلامية و محور المقاومة في ظل طوفان الأقصى، و حاجة واشنطن إلى التأثير المباشر. علماً أنها أعلنت مسبقاً عن مجموعة من الأسماء، وضعتهم تحت لائحة التصفيات، وقد أعطى بايدن الضوء الأخضر للمباشرة بذلك تشمل جميع قادة المقاومة.
ط-يعد السيد رئيسي و وزير الخارجية من الصقور، ومن أشد الملتزمين بخط الثورة، و ربما جاءت العملية لأهداف أمريكية لدفع شخصيات إصلاحية.
ثانياً-فرضيات حادثة الطائرة الرئاسية
1-الفرضيات
قطعاً هناك تكهنات رشحت عن الحادثة التي لا زالت غامضة، ويبقى الحديث مجرد تأويلات، لم تلامس أو تقترب من الحقيقة النهائية لأسباب سقوط الطائرة الرئاسية. وحتى هذه اللحظة لم تفصح البيانات الرسمية للجمهورية الاسلامية عن أسبابه، و يبقى الحديث مجرد تخمينات وفرضيات. من خلال عمليات التحليل وبعض المعطيات المحدودة التي تم الكشف عنها تطفو إلى السطح عدة فرضيات، لايمكن استبعاد إحداها في نهاية المطاف، مالم يصدر بيان رسمي حكومي إيراني حول الحادثة، من هذه الفرضيات مايلي:
الفرضية الأولى
حادث عرضي طبيعي، نتيجة خلل أو عطل ميكانيكي فني طارئ أصاب الطائرة صعب السيطرة عليه، أدى إلى سقوطها المفاجئ دون سابق إنذار.
الفرضية الثانية
سوء الأحوال الجوية من رياح وأمطار غزيرة وضباب كثيف، أدت إلى انعدام الرؤية الأفقية عند الطيار، تسبب بارتطامها المفاجئ بأحد الجبال.
الفرضية الثالثة
وزن الطائرة، مع وجود كمية كبيرة من الوقود، يُضاف إليها الحمولة الكبيرة المكونة من تسعة أشخاص، وسوء الأحوال الجوية أدى إلى عدم السيطرة عليها وسقوطها المفاجئ.
الفرضية الرابعة
تعرُّض الطائرة إلى عمل تخريبي، وهي جاثمة على الأرض قبيل إقلاعها، وهذا العمل من الممكن أن يكون بأحد الطرق التالية:
آ-مواد حارقة أو متفجرة محدودة، وضعت في هيكل الطائرة تتفاعل تدريجياً أثناء طيرانها، أدى إلى اشتعالها أو تفجير جزء منها، مثل خزان الوقود، الذي يضمن سقوط الطائرة بعد نفاد وقودها، دون إثارة الشبهات فيما بعد من قبل لجان التحقيق المختصة أو الخبراء.
ب-زرع جهاز متابعة و تعقب و أجهزة حديثة على جسم الطائرة قبل إقلاعها، و من ثم التحكم بها عن بعد إلكترونياً لغرض التأثير على أجهزة الملاحة الخاصة بها و إسقاطها.
يدعم هذه الفرضية الحجج التالية:
آ-الطائرة الرئاسية أمريكية الصنع، وكل ما يخص الطائرة من معلومات موجود لدى الشركة المصنعة من خلال الكود الخاص بها.
ب-تزامن الحادث مع هبوط و إقلاع طائرة أمريكية لأول مرة في أذربيجان، اتجهت إلى اسرائيل من نوع C17، من الممكن أنها حملت أجهزة و فريق عمل خاص، استطاع تعقب الطائرة و إسقاطها إلكترونياً.
ج-تصريحات كل من بايدن ونتنياهو بإصدار أوامر للأجهزة المختصة بالقيام بعمليات تصفية واغتيال قادة محور المقاومة من المستويات العليا.
2-الإشكاليات
هناك عدة إشكاليات مريبة في تلك الحادثة، منها:
1-لم تكن الطائرة وحدها، بل كانت مع سرب مكوّن من ثلاث طائرات، وهذا السرب له مهامه، وعملية التواصل والاتصالات مستمرة بينها. لذلك يبرز السؤال: كيف فقدت الطائرات الأخرى الاتصال مع موقع طائرة الرئيس.
2-هل كان تقرير الأحوال الجوية، الذي سبق عملية الاقلاع، دون تحذيرات، و من يتحمل مسؤولية و قرار الاقلاع؟
3-هل أرسلت الطائرة نداءات استغاثة؟ يقيناً، أول من تلقّى هذه النداءات الطائرات المرافقة لطائرة الرئيس، وهنا يُطرَح السؤال: ماهي ردود الأفعال والإجراءات الفورية التي تم اتخاذها؟
4-في حال ظهور أدلة على عمل تخريبي، هل سيتم تبرئة الساحة الأذربيجانية؟
5-من يقف وراء ذلك العمل؟ وماهي ردود الأفعال والانعكاسات على مستوى العلاقات والأوضاع الأمنية، إقليمياً وعالمياً؟ وهل اتّخذ من أقدم على ذلك كافة الحسابات والتداعيات؟
ثالثا-يقيناً، سيبقى الحادث أسير لجان التحقيق و الخبراء و مركز صنع القرار في جمهورية إيران الإسلامية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الأستاذ عباس الزيدي – باحث سياسي وخبير استراتيجي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً