بقلم الدكتور محمد عياش*
سُئل رئيس وزراء إسرائيل أرئيل شارون الأسبق يوماً، هل العرب ميتون أم نائمون؟ فأجاب للأسف نائمون والنائم لا بدّ له من أنْ يستيقظ، وهو الهارب من قطاع غزة من دون اتفاق بعد العملية البطولية التي قام بها رجال المقاومة في قطاع غزة والتي تمّت بحفر نفق لمدة عام تحت الصهاينة وأدت لمقتل العشرات من الضباط والجنود.
اليوم السبت 7/10/2023م، تُجدّد المقاومة عهدها بالمضي قدماً بتلقين العدو الإسرائيلي دروساً لا يمكن أن تنسى، ومنذ ساعات الصباح وهي تصول وتجول بمساحات كبيرة في مدن وقرى ما يسمّى غلاف غزة، براً وبحراً وجواً، بالإضافة للصواريخ التي انهالت على تل أبيب والقدس وبعض المدن القريبة وسط ذهول العدو الإسرائيلي وارتباك أجهزته الأمنية واختلاط الحابل بالنابل.
رافق هذا النصرَ، الصور والمشاهد المباشرة من الداخل، العزيمةُ التي بدت على رجال المقاومة والثقة وهم يقتلون ويأسرون ويغنمون الدبابات والمركبات. لكنهم تمسكوا بالأخلاق العربية والإسلامية، حيث لم يقتلوا أطفالاً ولم ينكلوا بالنساء وكبار السن، بل كان تركيزهم على الجنود في مرابضهم وكل من يحمل السلاح.
يمتلك الفلسطينيون أوراقاً كثيرة لكسب المعركة، أو لإجبار العدو الإسرائيلي على الاعتراف بحقوقه المشروعة، ومن هذه الأوراق منصّات الغاز قبالة شاطئ غزة، ومفاعل ديمونة واستراتيجية الصواريخ التي تطال كل المدن الفلسطينية المحتلة ورباطة الجأش عند المقاومين إذ أثبتوا أنهم مدربون تدريباً علمياً وجاهزون لكل مرحلة من مراحل الصراع.
كتائب عز الدين القسّام وسرايا القدس وبعض الشرفاء من الفصائل الأخرى، هذه المرة، في غرفة عمليات واحدة، يوجهون بنادقهم إلى هذا العدو المتغطرس المحتمي بالولايات المتحدة الأمريكية ومعظم الدول الغربية، يقولون له لا يمكن أن تنعم بالراحة والأمان حتى ينعم الشعب العربي الفلسطيني على أرضه.
لن أتطرّق في الحديث عن الأرقام والإحصائيات لعدد القتلى والأسرى والمفقودين، لأن الحدث ومفاعيله في قادم الأيام سيغير المعادلة والاستراتيجيات، وسيكون له أثرٌ كبيرٌ على مرتسمات السياسة القادمة، لاسيما المعركة في أولها وبالتالي علينا الانتظار لما ستؤول في النهاية.
نحن، كفلسطينيين، لم نتفاجأ بما قام به الأخوة في المقاومة، وكما يقولون في الأمثال:” الشيء من مأتاه لا يُستغرب”. قلناها مراراً وتكراراً إن شعبنا الفلسطيني قادر على اجتراح الكثير من الأفكار لمقارعة العدو، وبالتالي فإن إنهاء الحصار عن القطاع بات قريباً، وسيجبر العدو على ذلك لأنّ ما قبل طوفان الأقصى ليس كما بعده.
(إسرائيل) من أجل الأسير شاليط قامت بتحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين في عملية تبادل، فما بالك بعشرات الأسرى والقتلى لدى المقاومة حالياً؟ العملية ليست سهلةً فمن الممكن أن تطيح بنتنياهو وحكومته الإرهابية في ظل التظاهرات اليومية، وتعكر العلاقات مع مصر والأردن، وتوقف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية لأكثر من عشر سنوات.
أعتقد أن عملية طوفان الأقصى ستكون مقدمة حقيقية لتحرير فلسطين، لأن صاحب الحق سلطان، وهذا وعد الله، إن الله لا يخلف الميعاد حيث قال في محكم تنزيله:
(فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولَىٰهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَآ أُوْلِى بَأْسٍۢ شَدِيدٍۢ فَجَاسُواْ خِلَٰلَ ٱلدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا)
= = = = =
*الدكتور محمد عياش – كاتب وباحث سياسي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً