إعداد الدكتور آصف ملحم*
في الواقع شهدت الجبهات في أوكرانيا، في معظم المحاور، نشاطاً ملحوظاً بعد فترة قصيرة من الجمود. سنحاول التطرق إلى كافة محاور الجبهة بالشرح و التحليل.
على الشكل التالي قمنا بتقسيم الميدان إلى مجموعة من الجبهات لكي تسهل عملية دراستها.

آ-جبهة خاركوف (انظر الأشكال)
في محور ليبتسي، في الجزء الجنوبي من قرية غلوبوكي، لوحظ نشاط كبير في العمليات العسكرية الروسية، إذ تحاول القوات الروسية تحطيم الدفاعات الأوكرانية عن طريق القصف العنيف بالقنابل الذكية.
قرية غلوبوكي-هي قرية صغيرة عدد سكانها حوالي 1200 نسمة، وفق إحصاء عام 2001. مساحتها 0.5 كيلومترمربع.
أما في محور فولتشانسك، فتدور معارك عنيفة في محيط مدينة فولتشانسك، و تحديداً على الجناحين الغربي و الشرقي للمدينة. تحاول القوات الروسية عبور نهر فولتشيا من الأجنحة بهدف تشتيت القوات الأوكرانية التي تحارب ضمن المدينة.



ب-حبهة كوبيانسك-ليمان (انظر الأشكال)
تمكنت القوات الروسية من إحراز تقدم في الجهة الشمالية لبلدة ماكييفكا، على امتداد شارع سيفيرني. كما تمكنت من التقدم في الجزء المركزي للبلدة بجبهة عرضها 4.5 كيلومتراً و عمقها 950 متراً، و أصبحت على حدود نهر جيريبيتس. تحاول القوات الروسية بهذه الطريقة قسم البلدة إلى قسمين. لذلك فإننا نعتقد أن القوات الروسية ستحاول عبور النهر لكي تصل إلى طريق إمداد حيوي يقع غرب البلدة.
فضلاً عن ذلك بدأت روسيا بتصعيد عملياتها العسكرية في بلدة نيفسكوي بهدف مشاغلة القوات الأوكرانية في محور ماكييفكا.


ج-جبهة كريمينايا (انظر الشكل)
في الواقع يدور قتال عنيف في بلدتي تيرني و يامبالافكا. وفق تقديرنا، تهدف روسيا بهذه العمليات على هذه الجبهة إلى خلق نوع من التوازن بين محوري ماكييفكا و تيرني-يامبالافكا، و بالتالي تشتيت القوات الأوكرانية على جبهة طويلة يصل طولها إلى 17 كيلومتراً.
في الحقيقة، تحاول روسيا منذ بداية الحرب تطبيق مفهوم الدفاع المرن، الذي يساهم بشكل فعال في إيقاع القوات الأوكرانية في العديد من الكمائن و الأفخاخ.

د-جبهة سيفيرسك (انظر الشكل)
تدور معارك عنيفة على الحدود الشرقية لبلدة رازدولافكا. تقع هذه البلدة في المنطقة الرمادية، و حتى الآن لم نتأكد من سيطرة الجيش الروسي عليها أم لا. فضلاً عن ذلك، تتقدم القوات الروسية نحو بلدة فييمكي على امتداد السكة الحديدية بجبهة عرضها 1500 متراً و عمقها 2000 متراً.

هـ-جبهة باخموت (انظر الشكل)
في محور تشاسوف يار، تمكنت القوات الروسية من السيطرة على حي القناة، الواقع شمال-شرق المدينة. كما تمكنت من التقدم على امتداد السكة الحديدية، هذه السكة تصل بين باخموت و كراماتورسك. تنتشر القوات الروسية الآن بمحاذاة قناة سيفيرسكي-دانيتس-دونباس في الجزء الشرقي من المدينة.
بناءً على ذلك، فإن الخطة الروسية، فيما يبدو، هي التقدم على امتداد قناة سيفيرسكي-دانيتس-دونباس بهدف الالتفاف على القوات الأوكرانية المتمركزة في بلدة كالينينا. فإلى الجنوب من هذه البلدة يوجد منطقة كثيفة بالغابات اسمها (أورلوفا)، دخلتها القوات الروسية أيضاً، استعداداً لتنفيذ هذه الخطة. فضلاً عن ذلك، فإن الجيش الروسي يضغط على بلدة كالينينا من الشرق.
في الحقيقة، مدينة تشاسوف يار هي بلدة مبعثرة جغرافياً، وتقع على هضاب حاكمة، كما أنها مليئة بالبحيرات و البرك المائية، لذلك فإن القتال فيها سيكون صعباً للغاية في الأسابيع المقبلة.

و-جبهة توريتسك (انظر الشكل)
تحاول القوات الروسية مهاجمة بلدة دروجبا انطلاقاً من محطة لضخ المياه واقعة شرقها. إذ تؤكد بعض المصادر أن وحدة عسكرية روسية تمكنت من اختراق الدفاعات الأوكرانية. لكن ليس واضحاً من أين انطلقت هذه الوحدة؛ من الشرق من جهة محطة الضخ و دخلت البلدة عبر الغابات، أم من الجنوب على امتداد السكة الحديدية؟ كما أنه من غير الواضح، هل تمكنت هذه الوحدة من التمركز داخل البلدة أم عادت أدراجها؟ لذلك تم وضع الجزء الشرقي للبلدة في المنطقة الرمادية حتى يتم التحقق من هذه التفاصيل.
فضلاً عن ذلك، في هذه الجبهة يدور قتال عنيف في بلدة بيفدينّوي، إذا تمكنت القوات الروسية من السيطرة على الجزء الشمالي للبلدة.
تحاول القوات الروسية أيضاً السيطرة على الجيب المحصور بين بلدتي شومي و بيفدينّوي. هذا الجيب فيه مزارع مهجورة. ولكن لم يتم التأكد حتى الآن من وقوع هذا الجيب تحت السيطرة الروسية أم لا!
أما في محور بلدة نيويورك، فلقد تمكن الجيش الروسي من الدخول بعمق 900 متراً و عرض 4 كيلومتراً داخل البلدة.
علاوة على ما سبق، تمكنت القوات الروسية من تحطيم الدفاعات الأوكرانية باستخدام القنابل الذكية في بلدة يوروفكا، و سيطرت على البلدة بشكل كامل.

ز-جبهة أفدييفكا (انظر الشكل)
تمكنت القوات الروسية من التقدم بجيهة عرضها 150 متراً و عمق 900 متراً على طول الخط الحديدي شمال شرق بلدة بروغريس. و ستحاول القوات الروسية تعزيز دفاعاتها شرق البلدة استعداداً لاقتحامها.
إضافة إلى ما سبق، يدور قتال عنيف جنوب بلدة سوكول.
كما يدور قتال عنيف شمال بحيرة كارلوفسكي، و تحديداً في بلدة قرية دونباس. إذ تحاول القوات الروسية الضغط على هذه البلدة باستخدام وحدات عسكرية صغيرة، و يعود السبب في ذلك إلى الاستخدام الكثيف للمسيرات من قبل القوات الأوكرانية. فهذا القطاع من الجبهة، الواقع بين البحيرتين، كارولوفسكي و فولتشيا، هو قطاع صعب للغاية، و السيطرة عليه ستمكن الجيش الروسي من الالتفاف على بلدة ياسنابرودوفكا من الغرب، و بالتالي إيقاع خسائر كبيرة في صفوف الجيش الأوكراني.
تؤكد بعض المصادر أن القوة الأوكرانية المتمركزة بين البحيرتين هربت من مواقعها، و لكننا لم نتمكن من التحقق من صحة هذا الخبر من مصادر مستقلة.

ح-جبهة كراسناغوروفكا-مارينكا (انظر الأشكال)
تقدمت القوات الروسية في مدينة كراسناغوروفكا بجبهة عرضها 1300 متراً و عمق حوالي 350 متراً، من الجهة الجنوبية الغربية و تحاول تعزيز دفاعاتها هناك. يدور قتال عنيف للغاية داخل المدينة. تقدم القوات الروسية في الجزء الغربي للمدينة سيؤدي إلى قطع الإمدادات عن القوات الأوكرانية العاملة شرق المدينة، الأمر الذي يجعل مسألة سقوطها سهلاً.
تعتبر كراسناغوروفكا ذات أهمية استراتيجية كبيرة، فالسيطرة عليها سيحولها إلى موطأ قدم للتقدم باتجاه الغرب و ملاقاة القوات الروسية المتقدمة من مارينكا. لذلك فإننا نعتقد أن روسيا ستحولها إلى بؤرة لامتصاص و استنزاف القوات الأوكرانية، كما حصل في باخموت.
بسبب هذا التقدم الكبير للجيش الروسي في هذه المدينة، نلاحظ أن الرئيس الأوكراني زيلينسكي جدد الحديث عن بطء وصول المساعدات العسكرية الغربية.
أما في بلدة غيورغييفكي، فيوجد نشاط عسكري، و لكنه موضعي و ليس واسع النطاق، إذ يقتصر على بعض الاشتباكات المحدودة للغاية.
في بلدة باراسكييفكا، قصفت القوات الأوكرانية بعض مواقع الجيش الروسي داخل الجبهة الروسية، ولكن عند هذا المحور لم يلاحظ أي عمليات هجوم من قبل القوات الروسية.
لكن من المؤكد أن الجيش الروسي يتحضر لهجوم من الجنوب باتجاه بلدة كونستنتيفكا، الواقعة غرب باراسكييفكا. فلقد تم تسجيل عدة محاولات للجيش الروسي لدخول كونستنتيفكا من الجهة الشرقية و الجنوبية، و لكن لم يلاحظ أي تمركز للقوات أو المدرعات الروسية عند تخوم هذه البلدة.


ط-جبهة أوغليدار-فيليكايا نوفوسيلكا (انظر الأشكال)
تمكنت القوات الروسية من تعزيز خطوطها في بعض الغابات الواقعة شرقي أوغليدار، و تمكنت من السيطرة على منطقة عرضها حوالي 3 كم و عمقها 2 كم. هناك العديد من الهجومات من هذا المحور الشرقي، و يبدو أن القوات الروسية ستحاول السيطرة على منجم الفحم رقم 1، أو منجم جنوب الدونباس، فهذا المنجم ذات انتاج كبير و تم تأسيسه عام 1973. فضلاً عن ذلك فإن السيطرة على هذا المنجم سيؤدي إلى السيطرة على الطريق رقم 0532 الحيوي و الهام، و الذي يصل عدة بلدات مع بعضها البعض غرب مدينة دونيتسك.
في هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى روسيا تحاول السيطرة على أوغليدار منذ بداية العام، حاولت القيام بذلك انطلاقاً من الجنوب من بلدة نيكولسكوي، و لكنها لم تنجح؛ لذلك عدلت الخطة و هي تحاول ذلك من الشرق.
في محور فيليكايا نوفوسيلكا، هاجمت القوات الروسية مواقع القوات الأوكرانية شمال ستارامايورسكوي، و تمكنت من السيطرة على الجزء المتبقي من البلدة، و يتوضع هذا الجزء على امتداد الطريق الذي يصلها بباقي الأجزاء الشمالية الغربية من أوكرانيا. ينفي الطرف الأوكراني هذه الأخبار، و يؤكد أن هذا الجزء من المدينة ما زال تحت سيطرة القوات الأوكرانية. ولكن بغض النظر عن ذلك، فإن العمليات العسكرية تصاعدت بشكل كبير في الأيام الأخيرة في هذه المنطقة.
تصاعدت حدة القتال أيضاً في بلدة أوراجاينوي، الواقعة جنوب شرق ستارامايورسكوي. حاولت روسيا استقدام تعزيزرات عسكرية إلى هذه المنطقة، كما أن أوكرانيا قوّت دفاعاتها هنا. تشكل المسيرات الأوكرانية أهم عناصر إعاقة التقدم الروسي؛ إذ يتم استخدام المسيرات بشكل كثيف و على مدار الساعة. لذلك فإننا نعتقد أن روسيا ستزيد من كثافة استخدامها للقنابل الذكية في هذه المنطقة، كما أنها ستفعّل أنظمة الحرب الإلكترونية بشكل أكبر بهدف إحراز تقدم محسوس في أوراجاينوي.


ي-جبهة رابوتينا (انظر الشكل)
تحاول القوات الروسية التقدم داخل رابوتينا، و لكن كثافة استخدام المسيرات من قبل أوكرانيا يعيق تقدمها. فضلاً عن ذلك فإن هناك تصاعد للقتال في بلدة فيربوفوي، الواقعة شرق رابوتينا، و الهدف هو تشتيت القوات الأوكرانية و تسهيل اقتحام رابوتينا.

ك-جبهة خيرسون-يمين نهر دنيبر (انظر الشكل)
في الساعات الأخيرة، هاجمت القوات الروسية بعض المواقع في المنطقة الرمادية في كرينكي. لا يزال جزء من كرينكي تحت سيطرة القوات الأوكرانية، و تحاول القوات الروسية اختراقها، و لكن القتال يقتصر على بعض المواقع و الاشتباكات محدودة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الدكتور آصف ملحم – مدير مركز جي إس إم للأبحاث والدراسات (موسكو).