بقلم الدكتور محمدعياش*
المطلوب على وجه السرعة، إنجاز التّطبيع مع أكبر عدد من الدول العربية مع الكيان الصهيوني، وذلك من خلال المشاريع الاقتصادية الكبيرة وربط الطرق التجارية مع بعضها البعض – بالطبع – مع إغفال العقدة الرئيسية؛ الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني وتطلعاته من التحرر من ربقة الاحتلال البغيض.
التطبيع السعودي الإسرائيلي “المنجز” لا محالة في طريقه للإعلان مع الإشارة والأخذ بالحسبان لحساسية الأخوّة الفلسطينية ذلك أنّ الرياض ترى بأن العلاقة مع الكيان تخدم القضية العادلة! فعصابة نتنياهو لا تنظر كما تنظر الدول العربية إذ تعتبر انزلاق أي دولة عربية نحو التطبيع هو انتصار لها فيما يخص عقدتها من الاعتراف بها وشرعنتها.
أكثر من ثماني دول عربية أقامت علاقات مع إسرائيل، السؤال الكبير، ماذا استفاد الفلسطينيون من هذه العلاقة؟ وهل التطبيع معها كاملاً وأقصد مع الشعوب وليس الحكومات؟
استهجن وزير خارجية لوكسمبورغ السابق عام 2004 جان اسيلبورن وعبّر عن استيائه بخصوص المستوطنات في الضفة الغربية عندما قال: “الضفة الغربية ليست ملكاً لإسرائيل وبالتالي كيف يمكن لها تشريع بناء منازل ومدن وقرى على أرض ليست لها، إنه خرق للقانون الدولي إنه استفزاز”.
صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، جاريد كوشنير ينظر للقضية الفلسطينية كسلعة اقتصادية يمكن التلويح بها من أجل اتّفاق شامل مع الدول العربية على أساس اقتصاد مزدهر ومستدام من غير التطرق لمستقبل الشعب العربي الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال الصهيوني، معتمداً بذلك على انخراط معظم الدول العربية وفق رؤيته بالضغط على الفلسطينيين ألّا يضيّعوا مثل هذه الفرصة (التاريخية) وكأن الفلسطينيين همهم الاقتصاد فقط!
حديث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لقناة “فوكس نيوز” الأمريكية والتي سميت بالمناقشة الهادئة حول التطبيع، فيها الكثير من الدلائل على اقتراب التطبيع السعودي- الإسرائيلي؛ وذلك من خلال الرؤية الاقتصادية للأمير والتي تمّ تعديلها من 2030 إلى 2040 ومن غير التطرق للمبادرة العربية 2002 للأمير عبد الله؛ ولي العهد وقتذاك، ما يؤشّر إلى قرب الإعلان عن التطبيع مع بعض الكلمات المنمّقة والمعسولة عن حق الشعب العربي الفلسطيني بالعيش الكريم وإقامة دولته.
إنّ معظم الدول العربية التي سارعت إلى التطبيع مع الكيان لم تضع شرطاً فيه مصلحة للفلسطينيين، ولم نسمع تهديد الكيان بالعودة عن التطبيع مع كل اعتداء على المقدسات وعلى الشعب الفلسطيني!
نقرأ من بعض الكتّاب العرب والسّاسة كلاماً فيه تحامل وتبرير لعملية التطبيع مثلاً؛ “إذا الفلسطينيون أنفسهم طبّعوا وأقاموا علاقات مع دولة الاحتلال، فلماذا حلال عليهم وحرام على الدول العربية؟”
نقول لهؤلاء الموتورين: “إن الشعب الفلسطيني مضطر وغير سعيد بالمطلق من هذه العملية، وسمعناها من بعض الساسة الإسرائيليين بأن الفلسطينيين يتعاملون معنا وفق مراحل وعينُهم على المرحلة الأخيرة، أي: طردنا من كل فلسطين.
من حق الشعب الفلسطيني أن يكون له دولة، ولكن عدم تحويل القضية إلى سلعة، والتغاضي المقصود عالمياً عن تحقيق المطالب المشروعة، والسماح للإسرائيليين ببناء المستوطنات والعربدة اليومية بقتل روح الشباب الثائر المتطلع للحرية والكرامة في القرن الواحد والعشرين الذي يزخر بالمحاكم الدولية والقرارات المنبثقة منه بهذا الخصوص.
الرئيس الأمريكي جو بايدن في حديث مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يقول له:” لن نسمح لروسيا بالاستفراد بأوكرانيا لأن ذلك يعتبر خطراً على السلم والأمن الدوليين!”
أليست إسرائيل خطراً على العالم برمّته سيادة الرئيس بايدن!؟
= = = = =
*الدكتور محمد عياش – كاتب وباحث سياسي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً