بقلم الأستاذ عباس الزيدي*
لن تمرّ العملية الإرهابية في روسيا مرور الكرام، وستعاقب روسيا وتقتل كلَّ من وقف وراء هذه الجريمة، هذا ما صرّح به الرئيس بوتين.
أولاً-المعطيات
جاءت العملية الإرهابية لضرب الوحدة الوطنية الروسية، والمضي في المشروع الغربي لتقطيع أوصال روسيا، حسب المخطط المرسوم من قبل الأطراف المعادية لها. قام كلٌّ من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بجملة من الإجراءات:
1-حصار وقرارات جائرة ومصادرة الأصول الروسية، مع تدمير خط غاز السيل الشمالي، وتطويق جميع المصالح الحيوية والاستراتيجية الروسية في العالم.
2-الزحف نحو الحدود الروسية والاقتراب منها سواء في آسيا الوسطى أو بحر البلطيق أو البحر الأسود، وجميع البحار والمحيطات.
3-التوسع غير المبرر لحلف الناتو والتركيز على دول الطوق الروسي بذريعة مواجهة الخطر الروسي.
4-محاولة واشنطن توريط الاتحاد الأوروبي في حرب مباشرة مع روسيا، أو دفع الأخيرة إلى صراع مباشر مع أوروبا بطريقة خبيثة.
5-دعم مالي وتسليح بمليارات الدولارات لنظام كييف، بالدرجة الأولى من الولايات المتحدة، ثم من الناتو بالدرجة الثانية.
6-دعم تسليحي تجاوز الخطوط الحمر من صواريخ وطائرات ودبابات ومدفعية وغيرها.
7-إرسال قوات بريطانية إلى أوكرانيا غير معروفة المهام، مع نوايا فرنسية لإرسال قوات كذلك، للمواجهة المباشرة مع روسيا.
8-هوس وجنون غربي أمريكي لاحتلال جزيرة القرم، أو الحصول على موطئ قدم أو ميناء في البحر الأسود، بهدف إغلاقه أمام الأسطول الروسي.
9-محاولة فتح أكثر من جبهة ضد روسيا خارج أوكرانيا.
ثانياً-التحليل والنتائج
1-سواء كانت (داعش) تقف وراء تلك العملية أو نظام كييف فإنّ تورُّط الداعم الغربي-الأمريكي ثابتٌ وغير قابل للنقاش؛ الغرب يتحمل مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة.
2-فشل التضليل الإعلامي والعملياتي حول المهندس والداعم الحقيقي للعملية الإرهابية للتّنصل من المسؤولية وتداعياتها.
3-تعتبر هذه العملية خسارة للمعسكر الغربي والأمريكي.
4-ستكون لهذه العملية عواقبُ وخيمةٌ على مستويات مختلفة، وتداعيات في غاية الخطورة، وربما تفتح الأبواب على حرب عالمية ثالثة.
5-موقف المنظمات الدولية من هذا العمل الإرهابي الخطير، كذلك القوانين والعلاقات الدولية؛ إذ ستكون جميع الدول على المحك، وفي حرج كبير في موقفها من هذا الإرهاب ومَنْ ساهم في دعمه. حيث سيبرز بوضوح مدى مصداقية كل دولة في احترام القوانين الدولية.
6-ستكون تلك العملية الإرهابية حاضرةً بقوة في المحافل الدولية الرسمية، وعلى مستوى الرأي العام العالمي، مع ما يحصل من إجرام وقتل وحشي وتجويع وإبادة مروّعة إسرائيلية بدعم أمريكي-غربي في غزة، وإصرار الولايات المتحدة قبل إسرائيل على عدم وقف إطلاق النار هناك والحد من الجرائم ضد الإنسانية.
7-ستفتح هذه العملية أبواباً أخرى لعمليات مقابلة أو مماثلة على مستوى الصراعات في أي منطقة من العالم، مالم تتخذ الأمم المتحدة موقفاً حازماً ورادعاً من الغطرسة الأمريكية.
8-سيكون الغرب الأمريكي ومن تحالف معه من دول وأنظمة في موقف حرج، وربما تنهار بعض التحالفات، وقد تُطرد القواعد الأمريكية من بعض الدول خوفاً من ردّات الفعل سواء الروسية أو الأخرى الواقعة تحت الظلم والاحتلال الأمريكي.
9-على مستوى الصراع ما يين محور المقاومة وقوى الاستكبار العالمي، فإن الميزان أصبح أكثر رجاحةً لصالح محور المقاومة سواء على مستوى الرأي العام والتضامن أو الدعم والتسليح أو المواقف.
ثالثاً-ماهو الرد الروسي وكيف سيكون؟
استطاع الرئيس بوتين قلب الطاولة على الغرب، من خلال امتصاص الصدمة ثمّ إلقاء القبض على المجرمين والتعرف على مشغّليهم، وسوف يتعاطى مع تلك الجريمة بكل حرَفيّة وفق الخطوات التالية:
الخطوة الأولى: معرفة أدق تفاصيل الجريمة من خطوط وممرات وتسليح وتدريب ودعم واتصالات ومواصلات وإقامة وعبور حدود، مع التركيز على أجهزة الاستخبارات الدولية ممن لها أدنى معلومة ولم تحذِّر موسكو من ذلك.
الخطوة الثانية: سيكشف مصداقية الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الحقوقية والإنسانية، وبالتالي تعاطيها مع الإرهاب، واتخاذ موقف مناسب، يستطيع من خلاله النجاح في صياغة حشد دولي ضده.
الخطوة الثالثة: ضربة في عمق أوكرانيا تهتز لها أركان نظام كييف والغرب الأمريكي وسط انهيار متسارع للجيش الأوكراني وهروب المرتزقة، يتكلل بتحرير أوديسا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الأستاذ عباس الزيدي – باحث سياسي و خبير إستراتيجي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً