بقلم الدكتور نجم الدليمي*
المطلب الثاني: أهمية ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى وتأسيس الاتحاد السوفيتي
1-إن الأحداث التاريخية مترابطة ولا يمكن فصل بعضها عن البعض الآخر، بدليل أن ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى هي التي أسست الاتحاد السوفيتي. يعد تأسيس الاتحاد السوفيتي أحد أهم نتائج هذه الثورة الشعبية، ولهذه الثورة مغزىً وأهمية كبيرة على مختلف الأصعدة المحلية والعالمية؛ فهي الثورة التي أطاحت بالنظام القيصري وحولت روسيا القيصرية من بلد زراعي متخلف، بلد المحراث الخشبي إلى دولة صناعية ونووية وقطب للسلام والتعايش السلمي. علماً أن روسيا القيصرية عاشت نظام القنانة الذي تم إلغاؤه في عام1861، وأن البعد الزمني بين نظام القنانة وثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى هو 56 عاماً. وبهذا الخصوص يشير ليلتشوك: ( لقد كانت روسيا بلداً على مستوى متوسط من التطور الرأسمالي، ولكن كان يوجد فيها تشابك في العلاقات الإنتاجية الرأسمالية مع مخلفات كثيرة من نظام الإقطاع والقنانة … ولكن النير الرأسمالي مع بقايا نظام القنانة جعل حالة الشعب الروسي لا تطاق أبداً)) [1].
2-يشير جون ريد: (إن حدوث ثورة عظمى أعطت فجأة الحرية لشعب من 160 مليوناً، كان من أكثر الشعوب في العالم موضعاً للاضطهاد … . إن الثورة السياسية في روسيا قد تحولت في أوج الحرب الخارجية الى ثورة اجتماعية تكللت بانتصار البلشفية … . إن ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى، ثورة لا مثيل لها في تاريخ الإنسانية. لقد كان حزب البلاشفة (الحزب الشيوعي السوفيتي) ولجنته المركزية وعلى رأسها لينين، الملهم والقائد والمنظم لها) [2].
3-إن عمر ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى بمقياس تطور المجتمع البشري هو عمر قصير، فلقد كانت ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى بين عامي (1917-1991)، أي نحو 74 عاماً. تخلل ذلك الحرب الأهلية (1918-1922)، والحرب الوطنية العظمى (1941-1945)، وما يسمى بالحرب الباردة للمدة (1946-1991). مجموع هذه الحروب حوالي 55 عاماً، يُطرَح من العمر الكلي للثورة وهو 74 عاماً فنحصل على 19 عاماً، عاشت فيها ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى بسلام نسبي. هذه هي الحقيقة الموضوعية.
4-لينين والثورة
لقد أكد لينين أن انتقال السلطة من طبقة إلى أخرى هو الدليل الأول والرئيس والجوهري على الثورة سواء بمعنى الكلمة الدقيق أو بمعناها السياسي. كما أكّد أنه من المستحيل التطلع للثورة الاجتماعية دون النضال ضد الانتهازية، ودون تمييز مبدئي واضح بين الثوريين والانتهازيين. كما شخّص وبشكل دقيق أن البعض يخشون من ذكر ديكتاتورية البروليتاريا – والتي هي شكل خاص من التحالف الطبيعي بين البروليتاريا طليعة الشغيلة والفئات العديدة غير البروليتارية من الشغيلة…، وهو التحالف الذي يهدف إلى الإسقاط التام للرأسمال والقمع التام للبرجوازبة ومحاولاتها. وكما أشار ماركس وأكد أن إقامة ديكتاتورية البروليتاريا تعني الظفر بالديمقراطية. كما أن ستالين أكد أيضاً أنه من أجل اجتناب الخطأ في السياسة، يجب أن يكون الإنسان ثورياً لا إصلاحياً.
5-مهما حاول الإعلام البرجوازي الغربي وحلفاؤه في بعض دول الأطراف، هذا الإعلام فاقد للمصداقية و مشوّه للحقائق و مدفوع الثمن، ومهما جُنّدت الأقلام الصفراء والمشبوهة والمأجورة في بث سمومها و أكاذيبها حول (فشل) الاشتراكية فهو رياء وكذب. فنموذج الاتحاد السوفيتي للمدة 1917-1984 وجمهورية الصين الشعبية وفيتنام وكوبا وغيرها من الدول الأخرى ما هو إلا دليل وبرهان على دحض مزاعم الإعلام البرجوازي وأقلامه الصفراء.
وهنا يمكننا طرح مجموعة من الأسئلة المشروعة على هؤلاء:
إذا كانت هذه الدول فاشلة من وجهة نظركم لماذا تتآمرون عليها؟
ولماذا تم إنفاق نحو 5 ترليون دولار أمريكي ثمناً لما يسمى بالبيرويسترويكا الغارباتشوفية سيئة الصيت في شكلها ومضمونها؟
ولماذا تفرضون الحصار الاقتصادي اللامشروع واللاقانوني والظالم على هذه الدول وغيرها؟
اتركوا الشعوب لتختار نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي بحريّة وبدون تدخل في الشؤون الداخلية للدول. وبالرغم من كل ذلك، فهم يدّعون احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان وحريّة التعبير وغيرها من الخزعبلات الأخرى.
6-لولا أكتوبر لما تأسس اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية، الاتحاد السوفيتي.
يتبع …
= = = = =
*الدكتور نجم الدليمي – باحث وأستاذ جامعي متقاعد.
1-ليلتشوك و بولياكوف، موجز تاريخ المجتمع السوفيتي، موسكو، دار التقدم، السنة، 1974، ص 6-7.
2-جون ريد، عشرة أيام هزت العالم، موسكو دار التقدم، السنة، 1987، ص 12-13، 435.
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً.