بقلم الدكتور آصف ملحم*
قال الجيش الإسرائيلي إن إيران أطلقت 181 صاروخاً باليستياً على إسرائيل في الأول من أكتوبر الجاري، واعترض نظام الدفاع الجوي التابع للجيش الإسرائيلي معظمها. واعترضت الولايات المتحدة، باستخدام مدمراتها ذات الصواريخ الموجهة، 12 صاروخاً، وفقا لتقارير أمريكية.
وهذا يعني أن الإيرانيين أطلقوا نحو 200 صاروخ، سقط البعض منها على طول الطريق في إيران والعراق والأردن. الصاروخ الباليستي الذي يتراوح مداه بين 1500 و2000 كيلومتر باهظ الثمن. وتشير التقديرات إلى أن كل صاروخ يكلف الإيرانيين ما لا يقل عن مليون دولار لإنتاجه، وقد استخدموا نماذج متقدمة مثل عماد وخيبر، وحتى فتاح-1، الذي يقال إن سرعته تفوق سرعة الصوت – مما يعني أنه يمكنه الطيران والمناورة على مسافة 100 كيلومتر بسرعات تتجاوز سرعة الصوت بخمس مرات – في محاولة لخداع أنظمة الدفاع الجوي التي تحاول اعتراضها.
إن حوالي 200 مليون دولار هو مبلغ مثير للانتباه مقابل إطلاق دفعة صاروخية، وبالطبع هو جزء هام من مخزون الصواريخ الإيراني. ومع ذلك، من وجهة نظر طهران، فإن هذه ضربة صغيرة نسبياً مقارنةً مع مواردها المالية.
ووفقاً لرويترز، حتى في ظل العقوبات الدولية، تمكنت إيران من تصدير ما قيمته 35 مليار دولار من النفط سنوياً. لذلك فكلفة هذه الضربة الصاروخية ما يعادل يومين من الصادرات النفطية – وهذه الضربات ليست شيئًا سيفعلونه يوميًا، ولكنها أيضًا ليست تلك نفقات التي ستضطر البلاد للكفاح من أجل تغطيتها كل بضعة أشهر، ولكن لا يجب إهمال النفقات الأخرى للجيش الإيراني في الأنواع الأخرى من التكنولوجيا الصاروخية.
لاعتراض الصواريخ الإيرانية، أطلق سلاح الجو الإسرائيلي صواريخ Arrow-2 وArrow-3 المصنعة من قبل شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية Israel Aerospace Industries. لا يتم إطلاق الصواريخ الاعتراضية ضد الصواريخ التي يحددها النظام على أنها تستهدف مناطق غير مأهولة أو غير ذات أهمية عسكرية. لكن هذه المرة، استخدم الإيرانيون صواريخ أكثر دقة، مما جعلها على الأرجح أكثر دقة من المحاولات السابقة وتطلبت المزيد من الاعتراضات.
الصاروخ الأقدم Arrow-2، الذي يعترض أهدافاً على ارتفاع عشرات الكيلومترات في الغلاف الجوي، فتبلغ تكلفته حوالي 3 ملايين دولار. أما الصاروخ الأحدث Arrow-3، الذي يعترض الصواريخ الباليستية في الفضاء على مسافات كبيرة من حدود إسرائيل، فتبلغ تكلفته حوالي مليوني دولار. مع ذلك، حتى باستخدام حوالي 180 صاروخاً من نوع Arrow من كلا النوعين، فإن تكلفة الاعتراض ستبلغ حوالي 450 مليون دولار – أي أكثر من ضعف تكلفة دفعة صاروخية إيرانية.
تبلغ حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل أكثر من ضعف نظيره في إيران: 50 ألف دولار مقابل 20 ألف دولار في عام 2022، وفقا لمعطيات البنك الدولي. وفي الوقت نفسه، يعيش 10 ملايين شخص في إسرائيل، و90 مليونًا في إيران. جاء معظم التمويل اللازم لصاروخ آرو الاعتراضي من الولايات المتحدة، التي ساهمت بنحو 4 مليارات دولار في المشروع.
الولايات المتحدة مستعدة لمواصلة تمويل أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، كما هو الحال في حالة القبة الحديدية ومقلاع داود، ولكن المشكلة الرئيسية ستكمن في وتيرة الإنتاج في شركتي الصناعات الجوية الإسرائيلية Israel Aerospace Industries ورافائيل Rafael، فضلاً عن شراء المعدات اللازمة لذلك.
بدأت إدارة بايدن ووافق الكونغرس على ميزانية خاصة بقيمة 14.1 مليار دولار منذ بداية الحرب، مع تخصيص أكثر من 4 مليارات دولار لإعادة إمداد الصواريخ الاعتراضية وتعزيز تطوير وشراء نظام الليزر. ومع ذلك، فإن الليزر لن يكون قوياً بما يكفي لاعتراض الصواريخ الباليستية في المستقبل القريب، ويعتمد المزيد من الاستثمار الأمريكي على العلاقة بين البلدين. أما الدفاع الجوي، فبدون التمويل الأميركي سيشكل عبئاً ثقيلاً على ميزانية الدفاع.
بناءً على هذه المعطيات، فإننا نعتقد إن اندلاع حرب صاروخية بين إيران و إسرائيل سيشكل عبئاً إضافياً على ميزانيتي واشنطن و تل أبيب، هذا فضلاً عن الكلف الأخرى التي يفرضها اتساع نطاق الحرب ودخول اللاعبين الآخرين بشكل أكثر فعالية، ناهيك عن أعباء تمويل أوكرانيا في مواجهة روسيا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الدكتور آصف ملحم – مدير مركز جي إس إم للأبحاث و الدراسات (موسكو).
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً