بقلم الدكتور جوزيف مجدي*
بعد مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في الأردن علي يد جماعات تابعة لإيران، صرّح وزير الدفاع الأمريكي أوستن قائلاً:” أمريكا سترد وعلى مستويات عديدة”! وأكد وزير الدفاع الأمريكي، المريض بسرطان البروستات، أن بلاده تمتلك أكثر من سيناريو؛ تلك السيناريوهات التي تحدثت عنها مجلة نيوزويك الأمريكية أن من بينها السيء والأكثر سوءاً!
السيناريو الكارثي، الذي لا تريد واشنطن الوصول إليه، هو قصف العمق الإيراني؛ والاكتفاء بالسيناريو الأقل سوءاً بقصف مستودعات الدرونات والذخيرة لجماعات تابعة لإيران على الحدود السورية العراقية، أو الرد بالأسلوب نفسه الذي اتبعته عند اغتيال قاسم سليماني، دون ضرب العمق الإيراني.
تعلم واشنطن أن ردّ الفعل الإيراني لن يتوقف عند قصف السفارات الأمريكية في العراق وبيروت، بل سيمتد لقصف القواعد الأمريكية كلها في الخليج، وحاملات الطائرات الأمريكية في المنطقة، وهذا السيناريو الأكثر سوءاً، لذلك سحبت واشنطن 120 مسؤولاً من موظفي الاستخبارات في السفارتين.
تعتبر إسرائيل قصف العمق الإيراني بمثابة الخلاص لها؛ فـتل أبيب ترغب في مواجهة أمريكية-إيرانية مباشرة، وفتح جبهة رأس الأخطبوط، كما يسمي نتنياهو إيران. إسرائيل تدفع واشنطن لمواجهة طهران دون الالتفات إلى الحريق الإقليمي الذي سيندلع في المنطقة، لكي تتفرغ للحرب مع حزب الله، خاصة أن نتنياهو يرفض كل مبادرات وقف إطلاق النار، الروسية والمصرية و حتى البريطانية، في غزة.
جاء الردّ الأمريكي سريعاً بمرور المقاتلات الإستراتيجية الأمريكية من سماء المملكتين، الأردن والسعودية، لضرب المنطقة الحدودية العراقية السورية، بضربات دقيقة وموجّهة بنسبة خطأ لا تتجاوز 20%، فلقد تمّ قصف 85 هدفاً، وهي مستودعات الذخيرة للمقاومة العراقية.
لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة تُستخدم فيها المقاتلات الاستراتيجية فوق العادية بعيدة المدى في ضربة 2 فبراير، وهذا يخفي خلفه الكثير، الذي يتطلب التدقيق والتمحيص والتفكير!
حتى الآن، تتجنب واشنطن ضرب العمق الإيراني، وتكتفي بضرب التوابع. لا تقترب واشنطن من رأس الأخطبوط، كما ترغب حكومة الحرب في تل أبيب!
قبل الضربات الأمريكية، وقّع بوتين على قرار إستراتيجي بنقل صواريخ إستراتيجية عابرة للقارات إلى سورية، وهذا ينطوي على إنذار بأنه لو ضربت أمريكا إيران فسيضرب بوتين إسرائيل أو بريطانيا أو كليهما بصواريخ عابرة للقارات!
يحاول بوتين تثبيت وقف إطلاق نار في غزة، كان الاتحاد السوفيتي قد قرر مثيلاً له في الجولان، كما أنه يدعو لمؤتمر عالمي للسلام في الشرق الأوسط، ولكن لاتزال السردية الهرمجدونية تسيطر برعونة على حكومة اليمين الصهيوني المتطرف في تل أبيب!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الدكتور جوزيف مجدي – طبيب وشاعر وكاتب سياسي
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً