بقلم الدكتور نجم الدليمي*
سؤال مشروع يُطرح:
هل ستحتفل الأحزاب الشيوعية واليسارية العالمية، ومنها الأحزاب الشيوعية العربية بهذه المناسبة؟
أشك في ذلك! إنّ بعض قيادات هذه الأحزاب أصبحت معاديةً لقائد البروليتاريا العظيم لينين، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، في سلوكها وفي إعلامها. أصبحت لا تختلف عن الإعلام البرجوازي الأصفر المشوِّه للحقائق، ومنها اتجاه لينين. ولكن هذا غير مهم بالنسبة للينين العظيم.
أولاً- من هو لينين؟
لينين هو المفكر والفيلسوف والعبقري والقائد البروليتاري الكبير والثوري من الطراز الأول والخاص. لينين هو من واصل قضية ماركس-أنجلز. لقد أنجبت روسيا في 24 أبريل 1870 المنظّر الثوري للبروليتاريا العالمية. وبعد وفاته لم يظهر من مثل لينين، الذي امتلك إرادة وعزيمة لا تقهر، وهو قائد تاريخي من طراز خاص وصانع أعظم ثورة في تاريخ المجتمع البشري (ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى) التي فتحت الطريق أمام المجتمع البشري نحو التحرر والحرية والتقدم ونحو الاشتراكية. لقد جسّد لينين في شخصيته الفذة أبرز سمات الثوري البروليتاري الحقيقي، والتي تمثلت في عقله الجبار، والإرادة القوية التي لا تقهر، والحقد المقدس على العبودية والاضطهاد والاستغلال، وامتلك المبدئية والوطنية والفكر، والحماسة الثورية والأممية الصادقة والإيمان غير المحدود بالجماهير. لقد أشار لينين (إنه يحق لنا أن نكون فخورين وسعيدين لأننا أول من أطاح في نقطة من الكرة الأرضية بهذا الوحش المفترس، الرأسمالية، التي أغرقت الأرض في بحر من الدماء وقذفت بالإنسانية إلى أحضان المجاعة والهمجية). علماً أن نظام القنانة في روسيا القيصرية تمّ إلغاؤه في عام 1861، وثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى قامت في عام 1917، وكانت التركيبة الاجتماعية في روسيا القيصرية هي: 66.7% فلاحين وحرفيين، و16.3% إقطاعيين وتجار وكولاك (أغنياء)، و17% عمالاً ومستخدمين، وكانت سيطرة رأس المال الأجنبي على الموارد الطبيعية لروسيا القيصرية ما بين 60-90%.
كان لينين من عائلة مثقفة، عائلة ثورية مناهضة للنظام القيصري في روسيا، والدليل على ذلك أنه تمّ إعدام أخيه الأكبر، ألكساندر، شنقاً لاشتراكه في محاولة اغتيال القيصر. قبل تنفيذ حكم الإعدام قابلت أم ألكساندر القيصر، و طلبت منه إعفاء ابنها من عقوبة الإعدام، وافق على طلبها ولكن بشرط أن يتعهد ألكساندر بعدم تكرار ذلك في المستقبل. ذهبت إلى ابنها في السجن و أخبرته بالأمر فرفض طلب أمه و طلب القيصر، تم بعد ذلك تنفيذ حكم الإعدام به. هذه هي عائلة لينين العظيم!
ثانياً- من مآثر لينين
أسّس حزباً من طراز جديد، وهو الحزب الشيوعي السوفيتي، وأول من طرح وصاغ فكرة التحالف بين العمال والفلاحين. هو أول من قام بثورة قادها العمال والفلاحون والمثقفون الثوريون، وهي ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى في عام 1917. هو أول من حوّل روسيا القيصرية من نظام القَنانة الرأسمالي، التابع والمتخلف، إلى دولة من طراز جديد، دولة العمال والفلاحين، الدولة السوفيتية الاشتراكية. هو أول من أكّد على أهمية أن لا حزب ثوري دون نظرية ثورية تجسد أيديولوجيا البروليتاريا، ولا اشتراكية دون ديمقراطية. لقد ظهرت اللينينية الماركسية في المرحلة المتقدمة للرأسمالية كتشكيلة اجتماعية واقتصادية.
من أهم مؤلفات لينين: من هم أصدقاء الشعب وكيف يحاربون الاشتراكيين، الديمقراطيون، تطور الرأسمالية في روسيا، كتاب ما العمل، الدولة والثورة، خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء خطتا الاشتراكية في الثورة الديمقراطية، الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية. وغيرها من المؤلفات العلمية الهامة، و إجمالي أعمال لينين المنشورة نحو 55 مؤلفاً باللغة الروسية. يقال أيضاً أنه لديه أعمال لم يتم نشرها، ما يعادل أو أكثر من مؤلفاته الكاملة.
ثالثاً-بعضٌ من إرث لينين
1-لن يُشبِع الجماهير الجائعة أي قدر من الحرية السياسية في المجتمع الطبقي، أي المجتمع البرجوازي.
2-هزّوا شجرة الحزب بين فترة وأخرى حتى تتساقط الوريقات الصفراء الذابلة وتنمو محلها وريقات يانعة بلون أخضر.
3-إن ما يسمى بممارسة الديمقراطية في ظل السيادة المطلقة للبرجوازية ليست سوى مسرحية، لا تهم الطبقة العاملة.
4-إن الحروب بين القوى الإمبريالية لا تزيد عن كونها حروب بين مجموعة من اللصوص للسيطرة على الغنائم المتمثلة في ثروات الدول الفقيرة.
5-إن الشتائم في السياسة تعبر عن مدى عجز صاحبها على تقديم نقد علمي لخصومه.
6-إن المثقفين هم أكثر الناس قدرة على الخيانة لأنهم أكثرهم قدرة على تبريرها. المقصود المثقفين الإصلاحيين-الليبراليين والتحريفيين، الذين ليس لهم صلة بالنظرية الماركسية اللينينية بل يدّعونها. ظهرت هذه الفئة الانتهازية في فترة ما يسمى بالبيريسترويكا الغورباتشوفية سيئة الصيت في شكلها ومضمونها. كثيرون من قادة بعض الأحزاب (الشيوعية واليسارية) أيّدوا نهج غورباتشوف و ياكوفليف و شيفيرنادزة و يلتسن و كرافجوك، وغيرهم.
7-سيبقى الجحيم فوق الأرض طالما بقيت الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، أي الملكية الخاصة الاحتكارية لوسائل الإنتاج في المجتمع الطبقي، المجتمع البرجوازي.
8-إن كل حديث عن الحرية والديمقراطية تحت سلطة الرأسمالية عبارة عن هراء محض، ترديد أشبه بترديد الببغاء، إنه هراء عصري أو نفاق، إنه مجرد لافتة مرسومة. أنتم (المقصود البرجوازيون) أنفسكم قبور بيضاء و روح خبيثة، تعليمكم وثقافتكم وتنويركم ليس سوى نوع من الدعارة الشاملة.
9-إن الخيانة، سواء كانت بجهل أو بغباء، أو بشكل واعٍ ومخطط لها، هي خيانة عظمى.
10-فليتذكر الشيوعيون المخلصون وصية لينين العظيم:” إن الأحزاب الثورية التي فنيت حتى الآن، فنيت لأنها أصيبت بالغرور، ولم تستطع أن ترى أين تكمن قوتها، وخافت من التحدث عن نقاط ضعفها، أما نحن فلن نفنى لأننا لا نخاف التحدث عن نقاط ضعفنا، وسنتعلم كيف يمكن التغلب على نقاط الضعف. إن الإخلاص والنزاهة في السياسة تنتج عن القوة فقط، أما الرياء فهو نتيجة للضعف”.
11-الوحدة عمل وشعار عظيم، ولكن القضية العمالية بحاجة إلى وحدة ماركسيين لا وحدة ماركسيين مع أعداء الماركسية.
رابعاً- وصايا لينين
ألقى الرفيق ستالين خطاباً في المؤتمر الثاني للسوفييت بتاريخ 26 يناير 1924 بمناسبة وفاة قائد البروليتاريا لينين العظيم وهي:
-غادرنا الرفيق لينين و أوصى بأن نحافظ ونتمسك بشكل كبير بلقب عضو الحزب.
-غادرنا الرفيق لينين و أوصى بأن نحافظ على الحزب كما نحافظ على قرة العين.
-غادرنا الرفيق لينين و أوصى بأن نصون ونرسخ ديكتاتورية البروليتاريا.
-غادرنا الرفيق لينين و أوصى بأن نوطد ونعزز بكل قوانا وحدة العمال والفلاحين.
-غادرنا الرفيق لينين و أوصى بأن نوطد ونوسع الإتحاد بين الجمهوريات السوفيتية.
نعتقد أن هذه الوصايا المهمة شكلت وتشكل اليوم البرنامج اللينيني، ولكن لا يمكن تنفيذ هذه الوصايا وتحويلها إلى واقع ملموس إلا من خلال وجود حزب ماركسي-لينيني، يعتمد على النظرية الثورية، النظرية الماركسية اللينينية، و ديكتاتورية البروليتاريا.
في هذا الخصوص أشارت جريدة البرافدا بتاريخ 22 أبريل 1995 إلى أنه (إذا كانت القوى اليسارية، والشيوعيون خاصة، يريدون الوصول إلى السلطة مرة أخرى فعليهم بالضرورة التعلم من مدرسة لينين جيداً). فإننا نرى بعض القيادات المتنفّذة في بعض الأحزاب (الشيوعية) عادت وتعادي لينين إرضاءً للسيد، أو بفعل أوامر خارجية، وخاصة بعد نهج البيريسترويكا الغورباتشوفية. أصبحت هذه القيادات إصلاحية ليبرالية بامتياز، وليس لديها أي علاقة لا بالنظرية الماركسية اللينينية، و لا بلينين!
لو ظلّ الاتحاد السوفيتي باقياً حتى الآن .فهل كان لذلك أن يحدث؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الدكتور نجم الدليمي – باحث وأستاذ جامعي متقاعد
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً