بقلم الدكتور آصف ملحم*
يلقب الأوكرانيون الدرونات صغيرة الحجم، أو الدرونات الميكروية أو النانوية الروسية، بالبعوضة المحاربة أو المقاتلة. ويبدو أن المسيرات، المائية أو الهوائية، أصبحت من أهم وسائل الحروب الحديثة، وهذا ما ظهر بوضوح في الحرب الروسية-الأوكرانية.
في الواقع، نمى سوق صناعة المسيرات بين عامي 2018 و 2021 بحوالي 9 أضعاف؛ إذ بلغ حجم هذا السوق في عام 2021 حوالي 7 مليار دولار، تحتل الصين و الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 75% من قيمته، ومن المتوقع أن يصل حجم هذا السوق إلى 64 مليار دولار بحلول عام 2028.
اعتمدت صناعة المسيرات في روسيا سابقاً بشكل أساسي على الاستيراد؛ إذ يتم استيراد القطع منفصلةً من الخارج ومن ثم تركيبها في روسيا. ولكن العقوبات الغربية المفروضة على روسيا أفرزت واقعاً جديداً دفع الحكومة الروسية في 28 يونيو 2023 إلى إقرار استراتيجية جديدة لصناعة المسيرات حتى عام 2030، مع إمكانية التمديد حتى عام 2035. فسيتم زيادة حجم الاستثمار في صناعة المسيرات الروسية بمقدار 20 مرة عن وضعه الحالي.
في الواقع، كانت المسيرات تُستخدم في روسيا سابقاً بشكل أساسي للتطبيقات المدنية، و أهمها:
1-الأعمال الجيوديزية و رسم الخرائط.
2-مراقبة المنشآت الهامة.
3-التصوير الجوي.
4-الأعمال الزراعية كمكافحة الآفات الزراعية و مراقبة المحاصيل الزراعية.
5-مراقبة عمل أنابيب النفط و الغاز.
6-المراقبة البيئية.
7-مراقبة عمليات النقل والشحن في الأماكن ذات التضاريس الصعبة.
8-مراقبة الممرات المائية الشمالية في المحيط المتجمد الشمالي.
يتمثل النقص الأكبر في صناعة المسيرات الروسية بالمسيرات القتالية و المسيرات صغيرة الحجم. لذلك بدأت المؤسسة الصناعية العسكرية الروسية تسابق الزمن لتطوير هذا النوع من المسيرات.
ظهر إلى النور مؤخراً درون ميكروي روسي، صغير الحجم، مشابه للدرون النرويجي Black Hornet Nano تمت تسميته Vector X-120، ولكن يختلف عنه بأنه قادر على القيام بمهمات قتالية، أما النموذج النرويجي فهو فقط للمتابعة و الملاحقة و التصوير (انظر الأشكال).
وزنه بدون رأس حربي 38 غراماً. بما أنه للاستخدام لمرة واحدة فهو مناسب جداً لاصطياد الجنود. قادر على إطلاق أعيرة نيرة من عيار39*5.45 ملم و 19*9 ملم. وهو قادر على ملاحقة الجنود حتى لو كانوا ضمن بناء أو تحصينات أو حفر. مدة الطيران تصل حتى 360 ثانية و مسافة الطيران 2000 متر بسرعة 50 كيلومتراً في الساعة.
كما تمكنت الشركة، المسماة مكتب التصميم التجريبي (بناء الطائرات بدون طيار)، أو باللغة الانكليزية:
Experimental design bureau of (Unmanned Aircraft Construction)
التي أنتجت الدرونات آنفة الذكر من إنتاج درونات وزنها 250 غرام.
في الواقع أصدر هذا المكتب عدة نماذج من الدرونات صغيرة الحجم:
1-الدرون Vector LK-210 و هو قادر على حمل شحنة متفجرة وزنها 2.5 كيلوغرام.
2-الدرون Vector 75، وزنه 21 غرام بدون عيار ناري، وزنه مع عيار ناري 32 غرام، قادر على الطيران لمسافة 1200 متراً، و لا يمكن أن يسمع صوته من مسافة 15 متراً.
3-الدرون Vector-120، وزنه بين 200-250 غرام، يطير لمدة 20-30 دقيقة.
تصل كلفة صناعة النموذج النرويجي Black Hornet Nano حوالي 200 ألف دولار، أما النموذج الروسي Vector 75 حوالي 70 ألف روبل (أي حوالي 800 دولار) وهذا فارق كبير في السعر.
لذلك نظراً لكلفته المنخفضة، فلا أسف عليه إن أضاع الطريق أو تم فقدان القدرة على التحكم به. لذلك فإن الدرون الجديد سيشكل تحدياً للمؤسسات الصناعية العسكرية الغربية في المستقبل القريب.
= = = = =
*الدكتور المهندس آصف ملحم – مدير مركز جي اس ام للأبحاث والدراسات.
جميع الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي مركز جي إس إم وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً