المقدمة
تشكّل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) إحدى أبرز الأدوات القانونية والإنسانية التي أرست دعائمَها منظومةُ الأمم المتحدة لمعالجة تداعيات نكبة عام 1948. فقد جاء تأسيسها بموجب قرار الجمعية العامة رقم 302 لعام 1949، ليؤكد أنّ مأساة اللاجئين الفلسطينيين ليست مجرد أزمة إنسانية طارئة، بل تجسيد لظلم تاريخي يتطلب معالجة جذرية وفق قرارات الشرعية الدولية. ولم تقتصر مهمة الأونروا على تقديم الخدمات الإغاثية والتعليمية والصحية، بل أصبحت تمثل شاهدًا قانونيًا حيًّا على استمرار مسؤولية المجتمع الدولي تجاه اللاجئين الفلسطينيين.
إن التعليم هو أحد الحقوق الأساسية التي توفّرها الأونروا للّاجئين الفلسطينيين، حيث تسهم في ضمان حقهم في التعليم بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966)، الذي يضمن لكل فرد حق الوصول إلى التعليم. الأونروا، من خلال برامجها التعليمية المتنوعة، لا تقتصر على تقديم العلم فحسب، بل تمثل ضامنًا للحقوق الإنسانية في ظل بيئة مليئة بالضغوط والمخاطر. ومع ذلك، تواجه الوكالة تحديات شديدة، خاصة في ظل محاولات بعض الأطراف، لا سيما إسرائيل، التقويض المستمر لوجود الأونروا، وتصاعد الضغوط السياسية والمالية التي تهدد استمرارية خدماتها.
وقد تجلّت ذروة هذه التحديات في السنوات الأخيرة عبر تصاعد الضغوط السياسية والقانونية والمالية، ما جعل مستقبل الوكالة عُرضةً لمخاطر وجودية غير مسبوقة. إن الأونروا، وهي مؤسسة أساسية في تقديم الدعم للاجئين الفلسطينيين، تتعرض حاليًا لتحديات هائلة على الصعيدين السياسي والمالي، مما يهدد قدرتها على الحفاظ على برامجها التعليمية والخدمات الإغاثية.
إن الحفاظ على الأونروا يتطلب تحركًا جماعيًا من الدول العربية والمجتمع الدولي، عبر تحركات دبلوماسية وقانونية ومالية لتوفير الدعم اللازم. فالأونروا ليست مجرد وكالة إغاثة، بل هي ركيزة أساسية في الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين وضمان استمرار العمل على حل عادل لقضيتهم، خاصة في مجالات التعليم التي تعدّ أحد أهم جوانب تعزيز الحق في الحياة والكرامة الإنسانية. من هذا المنطلق، تبدو الحاجة ماسّةً إلى قراءة تحليلية معمقة تستشرف التهديدات المستجدة، وتفكك التحديات الممتدة، وتقترح سيناريوهات مستقبلية تسهم في حماية هذا الكيان الأممي الحيوي للقضية الفلسطينية.
الكلمات المفتاحية: الأونروا، اللاجئون الفلسطينيون، الأمم المتحدة، اللجوء، فلسطين، حق العودة